شهد قطاع الصحة بولاية بجاية في السنوات الأخيرة، قفزة نوعية في عدد المؤسسات الاستشفائية وعيادات متعددة الخدمات، والمراكز الصحية لا سيما الجوارية منها، وقد سعت الوزارة الوصية بمعية السلطات المحلية للولاية في تجسيد العديد من مشاريع إنجاز هذه المرافق الصحية على مستوى بلديات ودوائر وحتى المناطق النائية المنتشرة عبر تراب الولاية. إلا أن هذا النمو لم يصاحبه أي زيادة في عملية التأطير من حيث عمال شبه الطبي، سواء ممرضين أو تقنيين سامين في الصحة أو حتى في مجال التخدير والإنعاش، وهذا النقص الفادح شكل عراقيل كثيرة في ميدان التسيير، مما جعل المرضى يعانون من ذلك وهذا دون صرف النظر إلى عدم الاكتفاء الذاتي من حيث الأطباء العامين أو الأخصائيين، ضف إلى ذلك موضوع هروب عمال شبه الطبي إلى القطاع الخاص، وللإشارة فإن ولاية بجاية لها مركز واحد متخصص في تكوين الممرضين والقابلات في شتى الخدمات الصحية، الذي يقع في بلدية "أوقاس"، لكن النسبة التي تتخرج منه لا تلبي حاجيات القطاع، حيث يكون عدد المتخرجين ما بين 20 و30 فردا في السنة، في حين أن نسبة التغطية من عمال شبه الطبي على مستوى المؤسسات الاستشفائية بلغت 75 بالمائة و60 بالمائة على مستوى العيادات المتعددة الخدمات، و10 بالمائة بالمراكز الصحية الجوارية و2 بالمائة في المناطق النائية، ولعل هذه الأرقام تبين حقيقة الوضع الذي يعاني منه قطاع الصحة بالولاية، وتشير الإحصائيات إلى أن العيادات الخاصة هي الأخرى لها نفس المشكل من حيث التأطير شبه الطبي، فالعديد منها يكتفي بالحد الأدنى وهناك من يستعين بالعمال الذين يشتغلون في المؤسسات الاستشفائية بعد أوقات العمل، إذ تجد أن العمليات الجراحية التي تجريها العيادات الخاصة غالبا ما تكون نهاية اليوم أو خلال الليل، بعد حضور المتخصصين في التخدير والإنعاش والمتابعة الصحية. وعليه فإن القطاع الصحي بولاية بجاية في حاجة ماسة إلى التكفل به من كل الجوانب، سواء من حيث التأطير الطبي والعلاجي، وكذا في مجال نقص الوسائل الطبية، حيث أن البعض من الأجهزة ما تزال غير مستغلة لعدم معرفة كيفية تشغيلها أو أنها معطلة إلى أجل غير محدود، بحيث أن الشخص الوحيد الذي يعاني الأمرين هو المريض، كون أنه غالبا ما يوجه المريض إلى العيادات الخاصة لإجراء الكشوف الطبية والإشعاعية وحتى التحاليل التي تجرى على الدم وغيرها، وكأن وظيفة المؤسسات الاستشفائية فقط هو استقبال المرضى ليس إلا، وهذه الحالة يجب تحويلها إلى مراكز التوجيه والاستعلام مادام الأمر كذلك، والمريض يتساءل مادات الدولة أنشأت مستشفيات وعيادات ومراكز صحية عمومية للتكفل بالمرضى، لماذا يوجهون إلى العيادات الخاصة، رغم أن الدستور الجزائري يضمن العلاج الصحي المجاني، فلماذا تغيرت سياسة الصحة في ولاية بجاية ؟ ولعل الأمر ينطبق على الولايات الأخرى، إن الاشكالية المطروحة هي أصلا تنظيمية في جوهرها، فالضرورة حسب المواطنين تقتضي حلها في القريب العاجل حتى لا تزداد معاناة المرضى وتسوء حالتهم أكثر.