يشتكي سكان الأحياء المعزولة على مستوى بلدية هراوة - شرق العاصمة، من غياب المرافق الصحية في شكل قاعات للعلاج بمنطقتهم رغم الحاجة الملحة إليها، وهو ما يضطرهم الى تكبد عناء التنقل الى العيادة متعددة الخدمات بوسط المدينة، إحدى قاعتي العلاج البعيدة عن مقر سكناهم بعدة كيلومترات، في حين تبقى هذه الوضعية التي دامت سنوات طويلة بكل من أحياء برايدية، أولاد العربي وتجمعات سكانية معزولة بعين الكحلة ومعمري، تتطلب تدخل المعنيين لتجسيد سياسة تقريب الصحة من المواطن بالمنطقة. وحسب التصريحات التي أدلى بها بعض ممثلي هذه الاحياء ل''المساء'' فإن الوضع أصبح لا يطاق في ظل تحول تجمعاتهم السكانية الى مراقد للأفراد والسيارات أمام غياب العديد من المرافق الجوارية وعلى رأسها الصحة التي تبقى غائبة عن منطقتهم، حيث استرسل هؤلاء في سرد معاناتهم للظفر بخدمة صحية في ظل تواجد 3 مرافق صحية لأزيد من 27 ألف نسمة من سكان البلدية، من بينها عيادة متعددة الخدمات وقاعتين للعلاج، والتي تشهد ضغطا كبيرا عليها أمام شح عدد المراكز الصحية المتاحة رغم مجهودات العاملين بها لسد العجز في الطلب على العلاج من طرف المرضى. كما تطرق محدثونا الى مشكل بعد هذه المراكز عن مقر سكناهم لمسافات طويلة، وهو ما يضطرهم الى الاعتماد على وسائلهم الخاصة في التنقل لكل الحالات بما في ذلك الاستعجالية، علاوة على وسائل النقل العمومي كالحافلات التي تبقى خدماتها دون المستوى المطلوب في ظل تذبذب النقل بالمنطقة وبعد المواقف عن تجمعاتهم السكانية، وهو ما يؤثر سلبا على سكان هذه الاحياء إذا ما تعلق الامر بالمرضى من فئة الاطفال، والرضع والمسنين الذين يبقى التكفل بهم ضرويا، خاصة وأن هذا النوع من المرضى يمكن من خدمتهم صحيا عبر قاعات العلاج فقط دون الحاجة الى العيادة متعددة الخدمات حيث توفر هذه المراكز مثلما هو متعارف عليه تخصصات الطب العام، وحماية الامومة والطفولة وعدد من الخدمات الطبية وشبه الطبية التي تضمنها الصحة الجوارية وفق الاحتياجات الفعلية والضرورية لكل منطقة سكنية. وأمام تفاقم هذه الوضعية التي طال أمدها منذ نشأة البلدية عام 1984 وتزايد الكثافة السكانية في كل سنة بالموازاة مع توسع البرامج السكنية في صيغها المختلفة بالمنطقة، يطالب سكان هذه الاحياء المعزولة بكل من برايدية، وأولاد العربي، ومعمرية وتجمعات سكانية نائية بعين الكحلة ومناطق أخرى بالبلدية، بتجسيد البرامج الصحية بأحيائهم من طرف المصالح المختصة انطلاقا من الوزارة الوصية، وولاية الجزائر والسلطات المحلية في إطار تقريب الصحة من المواطن لإنهاء معاناتهم بشكل نهائي. وبالمقابل برمجت مديرية الصحة الجوارية للرغاية التي تتولى تسيير المرافق الصحية عبر إقليم مقاطعة الرويبة وتحت اشراف الوزارة الوصية مشروعا يستهدف توسيع الخريطة الصحية على مستوى بلدية هراوة خلال المخطط الخماسي المقبل 2010 - ,2014 وهو ما تطرقت إليه ''المساء'' في أعداد سابقة، حيث يتضمن المشروع إنجاز 5 قاعات للعلاج عبر مختلف الاحياء المعزولة بالبلدية وفقا لمعادلة الاحتياجات الفعلية لسكان المنطقة وتثبيت هذه المراكز الجديدة مستقبلا وفق بعد موقع هذه الأحياء مقارنة بأقرب مركز صحي لها. وفي هذا السياق تقترح السلطات المحلية لبلدية هراوة دمج هذه المشاريع في قطاع الصحة بأربعة مشاريع أخرى في قطاع التربية من خلال تخصيص أرضية في كل حي تضم قاعة علاج ومجمعا مدرسيا يشمل 6 أقسام في الطور الابتدائي، حيث يرجع هذا الاقتراح حسب مصدر من المجلس الشعبي البلدي لهراوة في تصريحه ل''المساء'' إلى مشكل أزمة العقار الذي تتخبط فيه البلدية أمام انعدام الأوعية العقارية لتوسيع النسيج العمراني والمرافق الجوارية على حساب الأراضي الفلاحية البور أو ذات المردودية الضعيفة المعنية باستغلالها مستقبلا أمام الحاجة الملحة إليها في التهيئة الحضرية، علاوة على تجيمد العديد من المشاريع التنموية أمام هذا المشكل، وهو ما يحتمل كثيرا من التأخير خاصة في قطاعي التربية والصحة اللذين يتطلبان تدخل المعنيين في مختلف المصالح المعنية بالأمر ووالي العاصمة بحسب مطالب الجميع، حيث يبقى المقرح الذي تبنته السلطات المحلية بدمج المشاريع التربوية والصحية في أرضيات موحدة عبر الأحياء المعزولة استثمارا يمثل واحدا من الحلول الناجعة لتسيير أزمة العقار في انتظار حلها نهائيا من طرف الجهات المختصة لبعث مشاريع جوارية أخرى، وتبقى البلدية وسكانها في أمس الحاجة إليها على المدى القريب لتحسين ظروف معيشة المواطن البسيط ببلدية هراوة.