يسابق صيادو عاصمة «الكورنيش» جيجل الزمن للتأقلم مع المعطيات الجديدة في هذا المجال، بعد القرار المتخذ من قبل وزارة الصيد البحري بالتنسيق مع وزارة الصناعة والقاضي بإجبار كل الصيادين على استبدال الصناديق الخشبية التي تستعمل عادة في تسويق الأسماك بأخرى بلاستيكية، وذلك في إطار الإصلاحات الجذرية التي يعرفها قطاع الصيد البحري. حيث أعطت الوزارة الوصية هؤلاء الصيادين مهلة إلى غاية شهر جانفي من السنة الجديدة للانصياع إلى قرارها، وهو ما يعني بأن المتأخرين في تطبيق نص التعليمة المذكورة سيكونون عرضة لجملة من العقوبات بداية من جانفي، غير أن هذه الفترة التي لا تبدو كافية للكثير من الصيادين للتأقلم مع الوضعية الجديدة واستبدال الصناديق الخشبية الموجودة بحوزتهم بأخرى بلاستيكية، تبعا لتعليمات الوزارة خصوصا في ظل المقاييس التي يجب مراعاتها في الصناديق الجديدة. وحتى وإن بررت وزارة الصيد البحري قرارها المذكور بالأمراض التي تسببها الصناديق الخشبية وما تلحقه هذه الأخيرة من أضرار بصحة المستهلكين، زيادة عن ضرورة التكيف مع متطلبات الأسواق الدولية التي ستقتحمها الأسماك الجزائرية قريبا، إلا أن كل هذا لم يقنع غالبية الصيادين ممن اعتبروا القرار بمثابة ضربة أخرى تسدد لهم والتي من شأنها أن تزيد من متاعبهم اليومية، خاصة في ظل المشاكل الكثيرة التي يعيشها أغلب هؤلاء الصيادين، والتي دفعت ببعضهم إلى حد اعتزال المهنة بشكل نهائي، يحدث هذا في الوقت الذي لم تستبعد فيه بعض الأطراف أن يكون لقرار الوزارة تداعيات سلبية على مستقبل قطاع الصيد البحري بجيجل، لاسيما في ظل إبداء العديد من الصيادين لنيتهم في التصدي للقرار، بحجة أنه سابق لأوانه وأن الوقت الممنوح لهم للاستجابة لمطالب الوصاية غير كاف تماما، وهو ما قد يعيد مشاهد الإضرابات التي عاشتها موانئ الصيد بالولاية مع بداية السنة الجارية، حيث لجأ أغلب أصحاب سفن الصيد إلى تعليق نشاطهم احتجاجا على العقوبات المالية الكبيرة التي طالتهم بدعوى خرقهم لقانون الصيد البحري، من خلال صيدهم لأسماك دون الحجم التجاري بكل ما كان لهذا الإضراب من تداعيات على السوق المحلية التي مازالت تعيش تحت وقع هزاته الارتدادية، بدليل الأسعار الخيالية التي بلغتها مختلف أنواع الأسماك بالأسواق جيجل، والتي دفع المواطن البسيط ثمنها في النهاية، وهو الذي أضحى عاجزا عن اقتنائها بعدما كانت إلى وقت ليس ببعيد ملاذه الوحيد في ظل الأسعار المرتفعة لمختلف أنواع اللحوم. ويأتي هذا كذلك في الوقت الذي عرف فيه الصيد البحري انتعاشا كبيرا في كميات الأسماك التي أصبح الصيادون يحققونها على أرصفة الصيد بالولاية، وقد بلغت مع نهاية سنة 2009 المنقضية أزيد من 8 آلاف طن بعدما كان لا يتعدى في السنوات السابقة 4 آلاف طن، وذلك حسب ما جاء في حصيلة سابقة لمصالح المديرية الوصية، وترجع ذات المصالح هذه الزيادة الهامة في الإنتاج إلى تنفيذ البرامج التنموية الخاصة بهذا القطاع على مستوى الولاية، من ذلك اقتناء 18 سفينة جديدة مخصصة للصيد وإنجاز غرفة تبريد بطاقة 74 متر مكعب، بالإضافة إلى تدعيم أسطول الصيد في إطار تشغيل الشباب ب4 سفن من مختلف الأحجام، وكذا إنجاز محطة للتزود بالوقود على مستوى ميناء «زيامة منصورية»، زيادة على مشاريع أخرى في إطار الاستثمار الخاص التي تدعم بها ميناء الصيد البحري «بوالديس»، وفي انتظار الاستغلال النهائي لميناء الصيد والترفيه ببلدية «العوانة» والانتهاء من إنجاز مسمكتين لبيع السمك بالجملة في كل من «زيامة منصورية» و«العوانة» والتي يتوقع أن يصل فيهما إنتاج السمك في سنة 2014 إلى 12 ألف طن.