يتطرّق المؤلف الجديد لعلي هارون "الصحو: ترقية حقوق الإنسان وانشغالات (1991-1992): شهادة على فترة الاضطرابات الكبرى بالجزائر"، إلى نشاط وظروف إنشاء وزارة حقوق الإنسان في الجزائر في جوان 1991. ويذكر الكتاب فترة ما بعد الإضراب الذي شنته جبهة الإنقاذ الإسلامية المحلة وإعلان يوم 18 جوان 1991 لتشكيل حكومة جديدة مكلفة بتحضير الانتخابات التشريعية المسبقة في نهاية ديسمبر من السنة نفسها. يحاول علي هارون في هذا الإصدار الجديد المتكون من 11 فصل و الصادر بدار النشر القصبة الإجابة على التساؤلات العديدة حول فكرة إنشاء وزارة لحقوق الإنسان وذلك بعد أسبوعين عن إعلان حالة الحصار يوم 4 جوان 1991 و هو قرار وصفه ب "المناقض". واعتبر الكاتب أن التناقض راجع إلى أن المرسوم حول حالة الحصار ينص على إجراءات الحجز الإداري والإقامة الجبرية من اجل الحفاظ على الأمن العام" وهي "إجراءات مقيدة للحريات". وقال المؤلف إن هذا التناقض "جلي". و بعد التطرق بالتفصيل إلى المناخ الانتفاضي لجوان 1991 الذي تميز "بالإعلان عن حالة الحصار من جهة و إنشاء وزارة لحقوق الإنسان من جهة أخرى" أشار السيد علي هارون إلى الصعوبة القائمة في الجمع بين الحتمية الأمنية-إصدار قانون استثنائي للحفاظ "على الأمن العام جد المضطرب" وضرورة حماية حقوق الإنسان. وأكد الوزير الأسبق لحقوق الإنسان انه "نظرا كون الدولة مضطرة للقمع بشدة فان مراقبة القمع تكون شديدة" مذكرا بحرص وزارته على التخفيف من آثار تطبيق حالة الطوارئ على الحريات. وذكر المؤلف بالجهود المبذولة خلال تلك الفترة "الدموية للإرهاب المدمر" لتكريس حقوق الإنسان في الجزائر وتعزيزها و الدفاع عنها. وكتب علي هارون "كيف يمكننا وسط هذا العنف الذي يلوح في الأفق القريب الحفاظ على حقوق الإنسان حتى وإن كان إرهابيا و هي حقوق طالما أمنا بها كوننا دافعنا عنها حتى عندما لم تكن معروفة وحتى في الخارج حيث كنا نعتبر غير ديمقراطيين" و ذلك لإبراز شعور الحيرة التي كان يرتاب العديد من المفكرين ورجال القانون وديمقراطيين جمهوريين في هذا "المناخ الذي يسبق الانتفاضة" المثقل بالأخطار التي تهدد الجزائر والجزائريين وأوضح يقول "إنني لست مؤرخا ولا كاتبا لقد الفت هذا الكتاب للشهادة من خلال خبرتي الشخصية عن فترة مميزة من تاريخ الجزائر المستقلة". كما أشار إلى أن "جميع الوقائع المسرودة حقيقية" قبل أن يضيف بأن فترة جوان- ديسمبر 1991 التي تميزت خاصة بوقف المسار الانتخابي كانت مرحلة "صعبة". و بخصوص الأمل الذي كان يراوده مع إنشاء الوزارة المذكورة أكد السيد علي هارون الرئيس الأسبق لجمعية قدماء مجاهدي اتحادية فرنسا وعضو سابق في المجلس الأعلى للدولة بين 1992-1994 أن تطور مفهوم حقوق الإنسان حدث بشكل متدرج. وأضاف يقول إن فكرة إنشاء وزارة لحقوق الإنسان قد جاءت في وقت مناسب لان "الجزائر كانت مستقلة إلا أن الجزائري لم يكن يتمتع بجميع حقوقه" إلا انه "مع فرض حالة الحصار أصبحت مصداقية مثل هذه الوزارة محل مراجعة..