قرّرت الحكومة رسميا إعادة النظر في آليات دعم المواد ذات الاستهلاك الواسع حتى تستفيد منها الفئات التي هي بحاجة إليها بشكل حصري، وذلك بعد أن ثبت أن أموال الدولة المخصصة لهذه العملية باتت عرضة لتجار التهريب والبارونات، ومن غير المستبعد حسب وزير التجارة أن يُفتح النقاش بهذا الملف عقب الانتخابات التشريعية المقبلة، متوقعا إنهاء مفاوضات التفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوروبي قبل نهاية هذا العام. اعترف وزير التجارة، «مصطفى بن بادة»، أن الارتفاع النسبي في أسعار المواد الغذائية في السوق الوطنية في الأشهر الأخيرة يرجع بالأساس إلى الاضطرابات التي تعيشها الدول المُجاورة، ولم يتوان في التأكيد بأن بلادنا «تحوّلت إلى ممون، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، لهذه الدول وهو ما جعل فاتورة الغذاء ترتفع لوحدها إلى 2.5 مليار دولار». وأمام هذا الوضع طمأن الوزير المواطنين بأن الدولة لن تتراجع عن دعم المواد الأساسية بالرغم من تلميحه إلى حدوث تجاوزات في استغلال هذا الدعم، وبدا موقفه أقرب إلى التوصيات التي رفعتها لجنة التحقيق البرلمانية حول ارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع بداية العام الحالي، وقد وافقها الرأي بضرورة فتح نقاش وطني حول النمط المعتمد حاليا من الدعم لتفادي أي خلل في المستقبل. وفي تبريره لهذا التوجه أفاد «بن بادة» أمس في حصة «ضيف الأولى» للقناة الأولى للإذاعة الوطنية بأن «الدولة تتوفر اليوم على موارد مالية لدعم هذه المواد لكن هذه الحالة قد لا تدوم» وعليه اقترح وجوب «التفكير في آلية جديدة يقتصر من خلالها الدعم على العائلات المُحتاجة». وأعاب كون الدعم الحالي تستفيد منه كل الفئات وحتى المؤسسات الاقتصادية التي تستغل دعم مادتي الزيت والسكر مثلا. وتذهب توقعات المسؤول الأول على قطاع التجارة في الجزائر إلى أنه من المرجح «فتح النقاش» مباشرة بعد الانتخابات التشريعية المقبلة المقرّرة منتصف العام الداخل. ومن ضمن التوضيحات التي قدّمها المتحدث أن الديوان الوطني المهني للحبوب أصبح فعالا في البقول الجافة ويتوفر حاليا على كمية هامة من هذه المواد وذلك موازاة مع اقتراب فصل الشتاء الذي يكثر فيه استهلاك هذه المواد. وعلى صعيد النتائج التي حققها قطاعه في عملية القضاء على الأسواق الفوضوية، كشف «بن بادة» أن العملية متواصلة، مضيفا: «الوزارة بصدد إعداد مخطط وطني لضبط الهياكل التجارية سواء تعلق الأمر بتجارة الجملة أو التجزئة أو التجارة بصفة عامة»، كما لفت إلى أن الجزائر تتوفر حاليا على 1500 هيكل تجاري، وأن الطلبات التي قدمها الولاة في إطار برنامج القضاء على الأسواق الفوضوية تشمل بدورها ضرورة إنشاء 1500 هيكل تجاري إضافي، ما يعني أن عملية محاربة السواق السوداء تتطلب إنجاز هذا العدد بتكلفة تُقدر ب 40 مليار دج. وعلى هذا المستوى أثار ذات المسؤول مشكل التمويل مقترحا طريقة منح البنوك لقروض طويلة الأمد للبلديات حتى تتمكن هذه الأخيرة من إنشاء هياكلها التجارية، وهو ما سيُمكن، من التحكم في الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية. وأعلن بالمناسبة عن إنجاز أول سوق وطني خلال العامين القادمين بولاية البليدة قبل بناء سوقين آخرين بولايات الغرب، إضافة إلى ارتقاب إنشاء 95 مفتشية إقليمية جديدة لتفعيل الرقابة على الأسعار، بحيث يُنتظر التوقيع على القرار الوزاري الخاص بهذه العملية قبل نهاية السنة، وعليه ستكون المفتشيات الإقليمية منتشرة عبر 150 دائرة بدل 60 دائرة حاليا. وبالنظر إلى كثرة الحديث عن المفاوضات الخاصة بالتفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، أجاب وزير التجارة بأن الجزائر على مقربة من التوصل إلى اتفاق نهائي، مبديا أمله في أن يُطوى هذا الملف قبل نهاية السنة الجارية. أما فيما يتعلق انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية، فأكد بأن المجلس العام لهذه المنظمة سينعقد بداية ديسمبر المقبل وبعده، أي من 15 إلى 17 من نفس الشهر تنعقد ندوة الوزراء الأعضاء في المنظمة، وعليه «ستستغل الجزائر هذه الفرصة لإسماع صوتها» بحسب الوزير.