إذن يمضي العام.. هكذا.. بسرعة.. لكنه يمضي هذه المرّة محمّلا بأحداث كثيرة سحبت البساط من تحت أرجل المألوف.. والثقافة بوصفها وجه التغيير والتغير كانت ملامحها مواكبة لهذا الحراك العربي الكبير.. فالمشهد العربي ضبابي يحاول الخروج من عنق الزّجاجة.. لذلك سطرنا في هذا الملف أهم الأحداث الثقافية الجزائرية التي كانت عاصمة للثقافة الإسلامية والعربية في آن واحد من خلال مختلف الفعاليات التي استمرت على مدار العام.. الرّكيزة الأولى في المشهد الثقافي الجزائري 2011 تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية.. إنجازات كبرى وسّعت الآفاق وصنعت الحركية
في يوم 16 أفريل2011؛ افتتح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بمشاركة ممثلين عن 41 دولة إسلامية، وبحضور 80 سفيرا عربيا وإسلاميا وأوروبيا معتمدا بالجزائر فعاليات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011. ورأس وفد المملكة المشارك في الفعاليات وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة. كما حضر حفل الافتتاح ممثلون عن الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية واليونسكو والأليسكو والإيسيسكو فضلا عن ممثلي بعض الدول الغربية، إضافة إلى ضيوف كبار وشخصيات علمية ودينية وسياسية من داخل الجزائر وخارجها.
منجزات ثقافية هامة أعطت للتظاهرة بعدها التاريخي العريق
بالتوازي مع فعاليات الافتتاح شهد ضيوف الجزائر عمليات تدشين جملة من المنجزات والمرافق الدينية والعلمية والثقافية بمدينة تلمسان ومنها قصر الثقافة الذي أنجز بقرب المدينة الأثرية القديمة ومركز الدراسات الأندلسية الذي بني بهندسة إسلامية متميزة فضلا عن تدشين مسرح الهواء الطلق ومكتبة كبرى ومتحف يتضمن أهم التحف التاريخية لمنطقة تلمسان عبر العصور. وفي المجال الديني سيدشن الرئيس الجزائري مركز البحوث والدراسات الإسلامية وهو الأول من نوعه على المستوى الوطني والمغاربي ويتضمن مكتبة للمخطوطات التي يرجع تاريخها إلى قرون خلت. كما سيقف ضيوف الجزائر على إنجاز آخر بمنطقة المنصورة التاريخية وهو المركز الثقافي الإسلامي الذي يتميز بهندسة إسلامية فريدة زاوجت بين المعمار المغاربي والأندلسي، إضافة إلى مدرسة قرآنية تتسع ل500 طالب، تتوفر على مرافق الإيواء والإطعام والدراسة، ويقصدها الطلبة من داخل الجزائر وخارجها وتتكفل بتلقين علوم القرآن وطرق تلاوته على يد أساتذة مختصين في الشريعة الإسلامية. كما سيشرف الرئيس بوتفليقة على إعادة فتح بعض المساجد الأثرية العتيقة التي تم ترميمها وكذا إعادة نشاط دار الحديث التي افتتحها العلامة عبد الحميد بن باديس بتاريخ 27 سبتمبر عام 1937 والتي لعبت دورا مهما في نشر الوعي الديني والروح الوطنية في أوساط الجزائريين سنوات الاستعمار الفرنسي.
استلهام العمارة الأندلسية وترميمات لأهم المعالم التاريخية لقد أوكلت مهمة دراسة مبنى متحف مدينة تلمسان، إلى مكتب جزائري – ألماني متخصص، حيث سيقوم بتحديد عمليات التهيئة الضرورية من أجل استحداث متحف يكون في المستوى المطلوب• وستسمح هذه العملية المسجلة في إطار التحضيرات الخاصة بتظاهرة ”تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية” 2011 بتعزيز المنشآت الثقافية للمدينة، علما أنه تم أيضا إنجاز متاحف متخصصة في علم المسكوكات والمخطوطات والفنون الشعبية، والتي سترى النور بمنطقة بني سنوس• من جهة أخرى أعادت مديرية الثقافة تهيئة قاعة السينما ”كوليزي” التابعة لبلدية تلمسان، والتي ظلت مغلقة منذ عدة سنوات جراء الأضرار التي لحقت بها، حيث تم إجراء خبرة خاصة بهذا المرفق الثقافي الواقع بقلب مدينة تلمسان من طرف مكتب المراقبة التقنية للبناء من أجل تحديد درجة التدهور الذي آلت إليه هذه القاعة، بهدف الشروع في عمليات إعادة الاعتبار والتجهيز• وتعد مدينة تلمسان، حاليا، ثلاث قاعات للسينما تبقى كلها مغلقة في الوقت الذي تجري مفاوضات مع صاحب أكبر قاعة للسينما ”لوكس” حتى يتسنى الحصول عليها، حسب ما أوضحه المدير الولائي للثقافة• كما بذلت جهود حثيثة من طرف قطاع الثقافة لولاية تلمسان من أجل سد العجز المسجل في مجال المرافق الثقافية، حيث تم إنجاز قصر للثقافة ومركز للدراسات الأندلسية، إلى جانب ترميم العديد من المواقع والمعالم التاريخية التي تعكس ثراء التراث الذي تزخر به عاصمة الزيانيين•
وقد عاشت كل من مدينة تلمسان والولايات المجاورة لها على مدار السنة على وقع المهرجانات الوطنية والدولية والجولات الفنية التي تنشط من طرف نجوم الأغنية والموسيقى الجزائرية، وكان الجمهور على موعد مع برنامج كثيف ومتنوّع يجمع عدة تخصّصات فنية. وقد أعدت دائرة المهرجانات والتنشيط الجواري محتوى وجدول النشاطات التي انطلقت من منتصف شهر أفريل الماضي.
المهرجانات الثقافية المرسّمة : المهرجان الدولي للرقص الشّعبي المهرجان الثقافي الدولي لموسيقى “الديوان” المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي المهرجان الثقافي الدولي للمنمنمات و الزخرفة المهرجان الثقافي الدولي لموسيقى” السمّاع الصوفي” المهرجان الثقافي الدولي للإنشاد لمهرجان الثقافي الوطني لموسيقى ” الحوزي”
الركيزة الثانية في المشهد الثقافي الجزائري لعام 2011 المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة .. نجاح باهر..ومصر تعود لساحة الثقافة الجزائرية
كانت الانطلاقة يوم الأربعاء 21سبتمبر.. وإلى غاية الفاتح من شهر أكتوبر كانت الجزائر محجة ثقافية عربية بامتياز.. وذلك من خلال تظاهرة المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 32 دولة، أبرزها مصر التي تعود بقوة إلى الصالون بعدما غابت السنة الماضية بسبب الخلاف بين البلدين حول مباراة في كرة قدم.
وتحتل مصر المرتبة الثانية بعد الجزائر من حيث المساحة التي تشغلها دور النشر المصرية، بينما اختيرت لبنان ضيفة شرف النسخة السادسة عشر التي يفتتحها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
وفي مؤتمر صحافي أكد إسماعيل مزيان، محافظ الصالون الدولي للكتاب في الجزائر، أن “521 دار نشر من 32 بلداً ستشارك في الدورة السادسة عشر للصالون من ، من بينها 145 دار نشر جزائرية”.
إلى ذلك، أكد مزيان عودة مصر إلى الصالون الدولي للكتاب كأكبر عارض بعد الجزائر بعدما لم توجه إليها الدعوة السنة الماضية على خلفية أزمة بين البلدين بعد الأحداث التي وقعت حول مباراة لكرة القدم بين منتخبي البلدين للتأهل إلى كأس العالم 2010، في 14 نوفمبر 2009 في القاهرة.
وقد وقعت بعض الحوادث في 18 نوفمبر خلال المباراة الفاصلة التي دارت في الخرطوم وفازت بها الجزائر.
وأخذت الأزمة منحى دبلوماسياً من خلال تظاهرات نظمت في القاهرة أمام سفارة الجزائر واستدعاء سفيري البلدين في القاهرةوالجزائر.كما قاطع الناشرون الجزائريون معرض القاهرة للكتاب لسنة 2010 للأسباب نفسها.
وازدادت مساحة العرض في الصالون 20%، حيث يشغل الناشرون الجزائريون اكبر مساحة (4032 متراً مربعاً) بينما مصر تعود إلى الصالون وتحتل المرتبة الثانية بمئة دار نشر تمتد على مساحة 1403 أمتار مربعة.
لبنان ضيف الشرف.. وجمانة حداد على رأس الوفد وقد اختيرت لبنان ضيفة شرف الصالون الدولي للكتاب على أن تكون ممثلة يوم الافتتاح بوزير الثقافة غابي ليون، كما يحضر عدد من الشخصيات الأدبية والفكرية أمثال اسكندر حبش وجمانة حداد ومحمد ابي سمرا ورشيد الضعيف، بحسب الموقع الالكتروني لهذه التظاهرة الثقافية.
وذكر مصطفى ماضي المشرف على النشاطات الثقافية لوكالة فرنس برس أن الصالون الدولي للكتاب سيشهد تنظيم ندوة حول الكتابة والراهن العربي يشارك فيها كتاب وأدباء من المغرب ومصر.
وتعرف التظاهرة أيضا تنظيم ندوة حول “ربيع الشعوب العربية”، يحضرها كل من فواز طرابلسي من لبنان والعربي صديقي من تونس ورباب المهدي من مصر.
Sila 16.. الربيع العربي في الفكر الأدبي العربي
كانموضوع الثورات العربية وانعكاساتها من أبرز محاور المعرض الدولي السادس عشر للكتاب وقد عمد المنظمون مناقشة الملف على طاولة لبنانية باعتبارها كضيف شرف لهذا العام.
كانت النقاشات والمحاضرات منصبة على أحداث الساعة المرتبطة بالربيع العربي: “الربيع العربي في الروايات العربية” و”ربيع الشعوب العربية”، “الثورات العربية”، والتي نشطها كتاب وباحثون وجامعيون، على غرار كل من اسكندر حبش، واسيني لعرج، محمد سلماوي، فوزي طرابلسي، العربي صديقي، رباب المهدي، عبد الغفار شكر، لياد برغوثي، محمد صياد إدريس، رضوان زيادة، ومصطفى فيتوري، والذين قدموا من تونس والمغرب ومصر ولبنان والأردن وفلسطين وسوريا وغيرها. وموازاة مع المعرض الدولي للكتاب، تم عقد ندوة دولية بالمكتبة الوطنية بالحامة تحت إشراف المحلل السياسي شفيق مصباح، ولتي نظمت بالتعاون مع المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بالجزائر، وتم خلالها مناقشة إشكالية”العالم العربي في حالة تمرد، الاضطرابات أم الثورة”.
الركيزة الثالثة في المشهد الثقافي الجزائري 2011 للشعر في الجزائر تقاليد أخرى.. عكاظية الشعر العربي إيقاع قافية التوحّد والسلام
أقيمت فعاليات الدورة الجديدة لعكاظية الشعر العربي، بالجزائر، نهاية شهر أكتوبر الماضي، وامتدت حتى بداية نوفمبر، ليحتفي المبدعون الجزائريون والعرب بهذا الحدث المهم الذي أصبح تقليدا ثقافيا عربيا، يعقد سنويا في العاصمة الجزائر، ويعرف مشاركة بعض من أهم الأسماء الشعرية الوطنية والعربية. وتزامنت عكاظية الشعر العربي- هذا العام- مع إحياء الجزائر لذكرى اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر، حيث استضافت الجزائر العاصمة الشعراء العرب القادمين من مصر، تونس، اليمن، سوريا، وهي الدول التي كانت بؤرة الأحداث هذه السنة، عبر ثورات الربيع العربي، فضلا عن مشاركة الشعراء الجزائريين. عكاظية الشعر هذا العام ..كانت بنكهة الثوارات وبنكهة السلام أيضا.. فقد توحّدت بؤر الحراك الشعبي على بساط شعري أحمر راق.. هيأ لها أن تكرس ثقافة كادت أن تغيب عن واقع الحياة العربية، وهي أن الشعر ما يزال ديوان العرب له أحكامه وفروضه التي توحد وتلغي المسافات وتصنع تضاريس أخرى للتفاؤل بغد أفضل..
الركيزة الرابعة في المشهد الثقافي الجزائري لعام 2011 مهرجان وهران السينمائي مسك الختام.. الوهر الذهبي يجمع شتات سينما الثورات العربية
انطلقت فعاليات مهرجان وهران السينمائي بمشاركة 18 دولة عربية و123 مشارك، المهرجان ضم عددا من المسابقات للأنواع المختلفة من الإنتاج السينمائي إضافة إلى عرض عدد من الأفلام الحائزة على جوائز وأفلام من التراث السينمائي لعدد من كبار صناع السينما العربية الذين يكرمهم المهرجان بإجمالي 123 مشاركا إضافة إلى 22 فيلما قصيرا و12 فيلما روائيا طويلا .
وقد فاز فيلم “وهلأ لوين؟” لنادين لبكي بجائزة الوهر الذهبي للفيلم الروائي الطويل وفاز الفيلم اللبناني كذلك بجائزتي أفضل سيناريو وأفضل ممثلة أيضا. وشارك في المسابقة الرسمية 12 فيلما طويلا و23 فيلما قصيرا. أما جائزة أفضل فيلم قصير فكانت لفيلم “حياة قصيرة” للمخرج المغربي عادل فاضلي الذي حصل على مكافأة مالية قدرها 30 ألف دولار.
وكانت جائزة أفضل إخراج من نصيب المخرج المصري خالد يوسف عن فيمله “كف القمر” فيما كانت جائزة أفضل ممثل من نصيب إبراهيم البقالي ولطفي صابر (المغرب) في فيلم “ماجد” لنسيم عباسي.ومنحت جائزة أفضل ممثلة إلى كلود باز مصوبع لدورها في فيلم “وهلأ لوين؟”.
وقد منحت تنويهات خاصة إلى فيلمي “أسماء” للمخرج المصري عمرو سلامة و”الأندلس مونامور” للمغربي محمد نظيف على صعيد الأفلام الروائية الطويلة “وبهية ومحمود” للأردني زين أبو حمدان و”حنين” للفلسطيني أسامة بواردي و “الجن” للجزائرية ياسمين شويخ و”بيب” للمصري هيثم صقر.