استمرّت حالة الغموض في بيت حزب جبهة التحرير الوطني حول قوائم بعض الولايات الكبرى، وتكون القيادة قد حسمت فيها رسميا مساء أمس، ومقابل ذلك لم يعد هناك أي حديث بشأن المصالحة مع الجناح التقويمي الذي يقوده «صالح قوجيل» خاصة أمام التأجيل المتكرّر للقاءاته التي كانت مبرمجة مع الأمين العام ل «الأفلان» وهو ما يعزّز احتمالات توجه التقويميين نحو دخول التشريعيات بقوائم مستقلة. حسب آخر المؤشرات التي استجدّت في جبهة التحرير الوطني فإن الأمور لا تبعث إطلاقا على الارتياح، والواضح أن هذا الحزب يتجه نحو مزيد من التململ وعدم الاستقرار خصوصا وأن الأمر لا يتعلّق فقط بتزايد ردود الأفعال السلبية تجاه قوائم المترشحين التي تمّ اعتمادها إلى غاية يوم أمس من طرف المكتب السياسي، بل أيضا من حيث احتمال أن يستقطب الجناح التقويمي مزيدا من المتعاطفين بشكل يمكن أن يضعف موقع «الأفلان» في التشريعيات المقبلة. وإلى غاية ظهيرة أمس كان الغموض سيّد الموقف في الجانبين، وحتى المنسق الوطني لما يسمى ب «حركة التقويم والتأصيل»، القيادي «صالح قوجيل»، تفادى الحديث مع الصحافة والإدلاء بأي تصريح حول هذا الموضوع، وقد اتصلت «الأيام» به أمس لكنه رفض الردّ وكلّف أحد المقرّبين منه بأن يبلغنا بأنه خرج وهو غير موجود، وهذا ما لم يعتد عليه «قوجيل» الذي يبدو أنه وجد نفسه في ورطة بعد أن كان من أكثر المتفائلين بالدخول بقوائم موحدة. وحتى الناطق الرسمي باسم الحركة التقويمية النائب الحالي بالمجلس الشعبي الوطني، «محمد الصغير قارة»، امتنع في اتصال معه عن تقديم مزيد من التوضيحات، مكتفيا بالتأكيد على أن الجناح المعارض للأمين العام ل «الأفلان» «لا يزال ينتظر تحديد الموقف»، ورغم ذلك فإن محدّثنا قطع الشك باليقين عندما قال: «بالنسبة لنا الحديث عن الدخول بقوائم مشتركة لم يعد ذو جدوى وقد تجاوزته الأحداث»، مضيفا أن ندوة صحفية مبرمجة خلال هذا الأسبوع لتقديم مزيد من التوضيحات بهذا الخصوص. ويكشف هذا التخبّط الحاصل في الجناح التقويمي لحزب جبهة التحرير الوطني عن سُخط عارم على السياسة التي اتبعها «صالح قوجيل» كون «الصلح» لم يكن خيارا يحظى بالإجماع لدى الغالبية، وبهذا المبرّر فسّرت مصادر من داخل هذه الحركة الترقب الحاصل لمستجدات الأحداث، وهي الجهات التي أكدت أن التقويميين اتخذوا كافة التدابير من أجل تجسيد حضورهم في الانتخابات المقبلة من خلال تحضير قوائم مستقلة مناوئة لقوائم «الأفلان». وعلى العموم فإن كل الأمور ستتضح بشكل كلي اليوم خصوصا أمام الحديث عن لقاء مرتقب بين «قوجيل» و«بلخادم» بعد الزوال بعد أن تأجل لمرات عديدة. في سياق ذلك تشير الأنباء القادمة من فندق «الأروية الذهبية» بأعالي العاصمة إلى أن حالة الترقّب بلغت أوجّها أمس من خلال توافد العشرات من المناضلين الذي أودعوا ملفات الترشيح على مستوى المحافظات في انتظار «الخبر السعيد» الذي يبشّرهم بأنهم ضمن الأوائل في القوائم النهائية، وحسب ما علم فإن المكتب السياسي يكون قد فصل مساء أمس في القوائم النهائية ل 12 آخر ولاية المتبقية في انتظار أن يتم إيداعها نهائيا اليوم بعد الظهيرة على مستوى مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية. وموازاة مع ذلك تأكدت رسميا ترشيح بعض الوجوه القديمة في «الأفلان» من قبيل وزير التعليم العالي «رشيد حراوبية» على رأس قائمة العاصمة مما يوحي بأنه سيكون رئيس المجلس الشعبي الوطني المقبل في حال حافظ الحزب العتيد على أغلبيته، وكذا وزير النقل «عمار تو» في ولاية سيدي بلعباس، ووزير البريد «موسى بن حماي» في برج بوعريريج، ومعهم وزير العمل «الطيب لوح»، فيما تراجع «بلخادم» عن قرار عدم ترشيح عضو المكتب السياسي «عبد الحميد سي عفيف» الذي سيكون على رأس قائمة مستغانم.