في الوقت الذي بدأ فيه العد التنازلي لانعقاد الدورة العادية للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني بدأت «حرب الكواليس» داخل بيت «الأفلان» بين من يسعى إلى الإطاحة بالأمين العام الحالي ومن يريد بقاءه، ويجري الحديث في الجناح المعارض عن محاولات ل«رشوة» أعضاء اللجنة قصد استمالتهم لدعم استمرار «عبد العزيز بلخادم» الذي دعاه القيادي «بوجمعة هيشور» إلى الاستقالة «لتفادي حدوث مواجهات وصدامات بين المناضلين». تُشير آخر الأخبار الواردة من المقر المركزي لحزب جبهة التحرير الوطني إلى أن التحضيرات لإنجاح الدورة العادية للجنة المركزية (15 و16 جوان) جارية على قدم وساق، خاصة من طرف القيادات المحسوبة على الأمين العام الحالي، «عبد العزيز بلخادم»، الذي يبدو أنه عاكف على إقناع أكبر عدد من أعضاء أعلى هيئة بين مؤتمرين من أجل تجديد الثقة في شخصه قصد مواصلة قيادة «الأفلان» نحو تحقيق مزيد من النجاحات في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وفي الجانب الآخر تسود حالة من الترقب والتخوّف لدى معارضي «بلخادم» الذين يدركون بأن مهمتهم بالإطاحة به أصبحت أكثر تعقيدا، لا سيما أمام النتائج الباهرة التي تحققت في اقتراع العاشر ماي الماضي وما أعقبه من حالة تردّد وسط الكثير من القيادات في السير ضمن مسعى تغيير رأس الحزب، ولعلّ التحوّل الذي طرأ على موقف عضو المكتب السياسي «عبد الحميد سي عفيف» الذي كان إلى وقت قريب من أشدّ المناوئين ساهم في تشتيت الرؤية أكثر. وموازاة مع ذلك بدأ العمل في الكواليس من أجل ترجيح الكفة لصالح كل طرف، والظاهر أن خطاب رئيس الجمهورية بولاية سطيف الذي أعلن فيه بصراحة أن انتماءه السياسي «لا غبار عليه» قد وضع «بلخادم» في موقع قوة وهو الذي يوصف بالرحل المقرّب من الرئيس، وهذه رسالة يبدو أن معارضي بقاء الأمين العام قد فهموها بما يعني أن الرئيس الشرفي لجبهة التحرير الوطني يتابع باهتمام الأوضاع الداخلية التي تمرّ بها، ولذلك فشلت كل محاولات عقد دورة طارئة للجنة المركزية بسبب عجز المناوئين عن جمع النصاب المطلوب لذلك. وأمام ارتفاع حدّة الحراك الدائر في بيت «الأفلان» فإن عضو اللجنة المركزية وأحد قياديي المعارضة «بوجمعة هيشور» جدّد دعوة «عبد العزيز بلخادم» إلى الاستقالة من منصبه أمينا عاما قبل موعد انعقاد الدورة العادية للجنة المركزية، وقد وصف الوضع ب «الخطير»، كما ذهب المتحدث في تصريح للموقع الإخباري الإلكتروني «كل شيء عن الجزائر» إلى القول: «يُمكن لعناد بلخادم بالبقاء على رأس الحزب أن يتسبب في صدام ومشادات بين أنصاره ومعارضيه». ومن خلال ما جاء على لسان «هيشور» فإن «يوم اجتماع اللجنة المركزية، سيقدّم كل طرف قائمة من المؤيّدين وسيكون من الصعب جدا تسيير ذلك»، ووصل به الأمر إلى حدّ توجيه الاتهام إلى أنصار الأمين العام ب «محاولة رشوة أعضاء اللجنة المركزية في جميع أنحاء البلاد لضمهم إلى جهتهم»، وتابع: «لقد أرسل بلخادم مبعوثين لإقناع أعضاء اللجنة المركزية لدعمه، من خلال وعدهم بوظائف». وفي الجهة المقابلة كشف عضو المكتب السياسي ل «الأفلان» مكلف بقطاع الإعلام، «قاسة عيسي»، أن هناك الكثير من القضايا التي ستتم مناقشتها بالتفصيل خلال أشغال الدورة العادية للجنة المركزية، ولم يستثن في ذلك حتى القضايا التنظيمية على اعتبار أن بعض الغاضبين من أعضاء هذه الهيئة لا يزالون يطالبون برحيل الأمين العام، على الرغم من أنهم فشلوا في جمع التوقيعات المطلوبة لبلوغ نصاب عقد الدورة الطارئة. ورغم أن المتحدّث حرص على عدم الخوض كثيرا في هذا الملف تاركا الحسم فيه إلى موعد انعقاد دورة اللجنة المركزية، فإنه لم يتوان لدى إجابته عن سؤال لوكالة الأنباء الجزائرية حول الوساطة التي يقوم بها أعضاء فاعلون في اللجنة المركزية بين الأمين العام للحزب ومناوئين له لإدراج مسألة إعادة طرح الثقة في شخصه ضمن جدول الأعمال خلال هذه الدورة، بالقول إن «الأمين العام يستقبل يوميا إطارات من الحزب» دون ذكر تفاصيل ّإضافية. وعليه أكد «عيسي» أن جدول أعمال الدورة العادية للجنة المركزية يتضمّن عدة نقاط منها على وجه الخصوص نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، زيادة عن قضايا تنظيمية، مضيفا أن قيادة الأفلان أدرجت في أجندة هذا الموعد بندا يخصّ التحضير للانتخابيات المحلية القادمة إلى جانب المصادقة على تقريري نشاط الحزب للسداسي الماضي وكذا تنفيذ ميزانية 2011. وفيما يتعلّق بإمكانية حضور كافة أعضاء اللجنة المركزية لأشغال هذه الدورة أعلن عضو المكتب السياسي مسؤول الإعلام في جبهة التحرير الوطني أن قيادة الحزب وجهت الدعوات إلى كل الأعضاء المعنيين حسب ما ينصّ عليه القانون الأساسي والنظام الداخلي. زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print * * *