بقلم: سهيلة بورزق/ الجزائر عندما تكفّ المرأة عن التّفكير بقلبها سيتغيّر العالم حتما وسيتحوّل اٍلى ذاكرة قابلة للتّجدد .لا زلت أحلم برأس يحملني فوق ناقة خلاياه اٍلى قمة رجل يفكر بكامل رأسه، لقد اقتنعت قناعة كاملة أن التدبير الحياتي العاقل كلّه من نتاج الأنثى.في الزّمن الجزائري القديم كنت أعيش في بيت يحكمه الرّجال في الظاهر فقط،… …لكن في الحقيقة أن جدّتي هي من كانت تحكم و تخطط وترفض وتقبل وهذا كلّه يحدث في غرفة النّوم بينها وبين جدّي،لكنّنا مع ذلك لم نكن نسمع صوتها أبدا ،بل كانت تبدو كالخط غير المقروء صامتة على الدوام،تجلس في ركن مظلم محافظة على كامل زينتها وأنوثتها، وعلى خلافها كان جدّي يبدو كالفارس المقدام صوته يملأ البيت والشارع بعكازه المستورد من فرنسا وبطربوشه الرّوسي الأسود،كانوا أولاده ينادونه “سيّدي” وكنا نحن أحفاده نناديه ” بابا سيّدي” ولحد الآن لا أعرف من سطّر لنا هذه التسمية سوى أنّه كان يحب الظهور في كامل هيبته وجبروت ذكورته. جدّتي حتى وهي في الستين من عمرها كانت تحب الظهور كأميرة متوّجة ،كانت العطور الفرنسية تصلها تباعا وجميع ملابسها الداخلية، كانت تقطر غرورا لا تحب أن ترى امرأة أخرى ترتدي أحسن منها حتى لا تبدو ناقصة في عين جدّي،كان يهمها أن تحكم العائلة من منطلق أنوثتها لا غير فهي لم تكن متعلمة لكنها بحنكة الرأس قاتلت الفشل ومنعته من الوصول اٍلى حياتها. عندما فشل زواج عمتي لم يحدث أن رأيت جدتي تتحدث معها في الأسباب، كنت أسمعها تقول لها : ” اٍذا كنت تريدين النّجاح في زواجك الثاني لا تثرثرين مع زوجك كثيرا،الرّجل لا يحب المرأة الثرثارة ، ثرثري برأسك في حسن تدبير أمورك واهتمي بزوجك وكأنّه الأمر الوحيد في حياتك ولا تنسي تغيير لون ملابسك الداخلية كل يوم. هذا عقل امرأة ستينية على أبواب الأرشيف ، من أين جاءت بهذه الحنكة في التفكير؟ وكيف استطاعت أن تسيطر على رجل في هيبة جدّي طوال عمر كامل؟. اليوم وأمام سرعة الحياة أصبحت النّساء عملاقات في تعقيد حياتهن الزوجية وأصبح الرّجال عمالقة في البحث عن أنثى تغير لون لباسها الداخلي كل ساعة. رحم الله جدّي وجدّتي وأسكنني فسيح تجربتهما. * شارك: * Email * Print