استنكر وزير المجاهدين «محمد الشريف عباس» مضمون بعض الكتابات الصادرة «وراء البحار» حول تاريخ الثورة الجزائرية، وخصّ بالذات تلك التي «تساوي بين الضحية والجلاّد» بعد أن وصف ما جاء فيها ب «التغليط»، ورغم ترحيبه بتصريحات الرئيس الفرنسي الجديد «فرانسوا هولاند» خلال حملته الانتخابية، إلا أنه شدّد على أن «الجزائر تنتظر من فرنسا الأفعال الملموسة وليس الأقوال..». التزم وزير المجاهدين بالتكفل رفقة وزارة الدفاع الوطني بكافة التكاليف المتعلقة بطبع ونشر مذكرات من شاركوا في ثورة التحرير، داعيا إياهم إلى عدم التردّد في الإقدام على هذه الخطوة خصوصا لدى اعترافه الصريح بأن مصالحه تجد حاليا صعوبات كبيرة في كتابة التاريخ رغم حديثه عن وجود مبادرات في هذا الاتجاه وصفها ب «النزيهة»، لكن أكثر ما أثار استياءه هي تلك الكتابات التي قال إنها «تصدر من وراء البحار» في إشارة منه إلى مؤلفات بعض المؤرخين الفرنسيين من منطلق أنها «تساوي بين الضحية والجلاّد». وعلى حدّ تعبير «محمد الشريف عباس» الذي نزل أمس ضيفا على برنامج «حوار اليوم» للقناة الأولى للإذاعة الوطنية فإنه «لا يُمكن أن نقدم شيئا نقول أنه في المستوى لأننا نعاني في مجال كتابة التاريخ»، مرجعا ذلك إلى «وجود توجه كبير نحو استقراء التاريخ من وراء البحر حيث هناك أناس لهم باع طويل في مجال كتابة التاريخ ويعدّون من المراجع التاريخية حتى بالنسبة للمقاومة والثورة التحريرية»، مستغربا من كتابات هؤلاء الباحثين والمؤرخين لأنهم «يجعلون مقاومة الشعب الجزائري ونضالاته ومعاناته متساوية مع الطرف المحتل»، وأدرج ذلك في خانة «التغليط». وعندما سُئل الوزير عن عدد الكتب التي سيصدرها قطاعه الذي يُحضّر حاليا لتنظيم تظاهرات خمسينية الاستقلال، أفاد بأنه «لا يهمّ عدد الإصدارات» بقدر ما يهمّ مستوى محتوى هذه المطبوعات التي أشار إلى أن مصالحه برمجت في المرحلة الأولى حوالي 500 عنوان بين طبع وإعادة طبع وترجمة بعض الكتب بالإضافة إلى طبع مذكرات، كما سيتم بالموازاة مع ذلك مواصلة مشروع إنجاز سلسلة «أمجاد الجزائر» التي هي عبارة عن شبه كتيبات تسهر على إعدادها مجموعة من الأساتذة المختصين في المجال التاريخي. وكان من الطبيعي أن يخوض وزير المجاهدين في ملف العلاقات بين الجزائروفرنسا التي لا تزال مثقلة بحساسية الماضي والذاكرة، حيث لم يغفل ذلك بعدما قرأ تصريحات الرئيس الفرنسي الحالي «فرانسوا هولاند» خلال الحملة الانتخابية التي سبقت وصوله إلى «الإليزيه» حول نظرته للعلاقات الثنائية على أنها «تصريحات مشجعة يتوخى منها أنها ستعمل على وضع العلاقة بين البلدين في أحسن صورها لخدمة مصلحة الشعبين». ورغم هذا التفسير الإيجابي إلا أن «الشريف عباس» استدرك قائلا: «الجزائر تنتظر اليوم الأفعال الملموسة بعد توليه الرئاسة رسميا وليس الأقوال..»، ليكشف ذات المسؤول بخصوص استرجاع أرشيف الجزائر الموجود في فرنسا بأن بلادنا لم تستعيد جل أرشيفها «ما استرجعناه لا يمثل جزء يستحق التكلم عليه لأنه يعتبر شيء يسير». وفيما يتعلق بالتحضيرات للاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال أكد وزير المجاهدين أنها على وشك الانتهاء حيث تستعد كل محطة معنية بهذا الحدث لتدلي بما لديها للمواطنين، مشيرا إلى أنه «مهما كان الاحتفال بهذه الذكرى فانه لا يمكن أن نوفيها حقها باعتبارها نتاج كفاح ونضال مرير وثمرة تضحيات الشهداء»، وبرأيه فإن هذه الذكرى «غالية على كل جزائري فخور بوطنه وثورته». ولهذا الغرض أعلن أن الأعمال التحضيرية الخاصة بالأعمال السمعية البصرية يتجاوز عددها 100 شريط وثائقي تنقل قصص ومشاهد معبرة عن نضالات الشعب الجزائري، مثلما تم إنجاز 20 شريطا وثائقيا من مجمل مئة شريط سيتم بثها عبر القنوات الجزائرية مع بداية 5 جويلية، وأورد في الوقت ذاته أنه تمّ الانتهاء من إنجاز فيلم طويل حول الشهيد «أحمد زبانة» الذي سيتم عرضه على مختلف دور العرض في انتظار إتمام أفلام تخص زعماء الثورة أمثال «العقيد لطفي» و«العربي بن مهيدي» و«كريم بلقاسم». زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print