إنّ الاحتفال بخمسينية الاستقلال حدث وطني يهمّ كل القطاعات و كذا المجتمع الجزائري برمته إلاّ أنّ قطاع الثقافة يبقى له خصوصيته في الاحتفال بمثل هذه التظاهرات، وقد أكدت وزيرة الثقافة أنّ التحضير لمثل هذه التظاهرات الكبرى ليس بالأمر الهيّن فاقتناء الكتب مثلا يتطلب عاما من قبل وتنظيم معرض ضخم يتطلب استثمار بشري وتقني ومعرفي وهو عمل شاق جدا. ومن هنا سألتها «الأيام» عن سبب التأخر الذي عرفته وتيرة إنجاز الأعمال السينمائية و المسرحية و مدى تأثير هذا على نوعية الأعمال التي ستنجز في إطار الخمسينية، فأجابت: “لا يمكننا كوزارة تحقيق البرامج إذا لم تسخر لنا ميزانية، فالمشاريع موجود لكن في ظل غياب الأموال ليس بوسعنا فعل شيء”، وتضيف معالي وزيرة الثقافة خليدة تومي نحن نحتفل في إطار الخمسينية بثورة عظيمة ليست بالنسبة لنا كجزائريين فحسب بل للإنسانية جمعاء، و نحن نحتفل أيضا بخمسين سنة من الإنجازات وما أنتجه وأبدعه الجزائري في كافة المجالات ولذا ضروري جدا أن نتعاون جميعا لإنجاح هذا الحدث الهام. وفيما يخص رقمنة وسحب نسخ جديدة لأفلام سينمائية جزائرية أنجزت خلال الثورة و في سنوات السبعينيات فقد سألناها إن كان الإقدام على هذه الخطوة هو اعتراف من وزارتها بعدم قدرتنا حاليا على إنتاج أفلام تكون بمستوى أفلام السبعينيات فأجابتنا: “رقمنة الأفلام لا يعني أنّنا غير قادرين على إنتاج أفلام بمستوى أفلام السبعينيات و الثمانينيات، بل هذه الخطوة لابد منها و هي أمر طبيعي و يدخل في إطار العمل التوريثي، فالرقمنة هي طريقة عصرية حديثة للمحافظة على الفيلم من عبث الزمن، فلدينا إرث عريق في تاريخ السينما الجزائرية فمن واجبنا إيصاله للأجيال القادمة في أحسن صورة حتى يتمكن أكبر عدد من الجزائريين من رؤيتها، كما أنّ رقمنة الأفلام تتيح لنا فرصة المشاركة بها في أكبر المهرجانات الدولية، ومع الأسف فالنسخ السلبية لهذه الأفلام وبعد 50 سنة من الاستقلال مازلنا نحتفظ بها في الخارج لأنّنا لا نملك مبنى بمقاييس لائقة للحفاظ على أرشيفنا من الأفلام، لكن دعيني أثلج صدري وصدرك بهذه البشرى فلقد تحصلت وزارة الثقافة بمناسبة الخمسينية على ميزانية خاصة لبناء مركز متطور وبمقاييس عصرية لحفظ وتحميض الأفلام، وبمجرد الانتهاء من إنجازه سيتسنّى لنا مباشرة استرجاع كل النسخ السلبية للأفلام الجزائرية المتواجدة بفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية. وعن سؤالنا الأخير فيما يخص ما ستتركه الخمسينية بعد انقضاء سنة من الاحتفالات وما هو الجديد والحلول التي ستأتي بها لتحسين وضعية الفنان و المثقف الجزائري فأجابت: “سيبقى بعد الخمسينية ما قدمناه من أعمال وإنجازات، فكلّ مناسبة ليست هدفا في حد ذاتها بل فرصة للإبداع والإنتاج، ووزارة الثقافة ستكمل مسيرتها من خلال سياستها الثقافية المنتهجة في إطار القوانين التي تحكمها ومن خلال الميزانية التي تمنح لها لإنعاش هذا القطاع الحساس، كل ما نقوم به ونقدمه من برامج على مدار السنة نقوم به لتبقى بلادنا شامخة مزدهرة و تنعم بالرخاء، أماّ فيما يخص الفنان الجزائري فلا يوجد أكثر وطنية منه في العالم بأسره بحكم إنتمائه لثورة عظيمة و تاريخ عريق، و هو معروف بكفاحه و نضاله لتحسين أوضاعه، فأنا ضد الخواص الانتهازيين الذين هدفهم تبديد الأموال العمومية، و الضحية بالدرجة الأولى هو الفنان حيث يدفعون له نقد بدون عقد و هذا تهربا من الضرائب و حقوق التأليف، حيث ستستغل وزارة الثقافة مناسبة الخمسينية لتنظيم ملتقى حول “الصناعة الثقافية في الجزائر” الذي سيكون فضاءا مفتوحا على كافة الأطياف لمناقشة وضعية الفنان الحالية و الخروج بحلول ناجعة تجعل الفنان في وضع أحسن يكفل حقوقه، و قد قمنا كوزارة للثقافة بالإتصال بوزارة العمل و الضمان الاجتماعي ليكون للفنان الحق في الضمان الاجتماعي لكن كان الرد أنّ الفنان لا يملك لا عقد عمل و لا كشف راتب، وحاليا ما نسعى إليه كوزارة أن نخرج بعد انتهاء الاحتفالات بالخمسينية بورقة طريق واضحة و جادة تأتي بكل الخير للفن والفنان وللثقافة بصفة عامة. نسيمة .ش * شارك: * Email * Print