بخلاف بعض القراءات التي توقعت أن لا يُقدم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني على طرح تجديد الثقة أمام أعضاء اللجنة المركزية عن طريق الاحتكام إلى الصندوق، صدر عن قيادة «الأفلان» بيان إعلامي يُحدّد النظام الداخلي الخاص بتسيير الجلسة الأولى للدورة العادية التي ستنعقد الخميس المقبل، وهو اليوم الذي سيُعرف فيه مصير «عبد العزيز بلخادم» ومدى قدرته على توجيه «الضربة القاضية» لمعارضيه. يُنتظر أن تكون دورة اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني المقرّرة الخميس المقبل على مدار ثلاثة أيام، منعرجا حاسما في مسار الصراع على الشرعية الدائر بين أربعة أجنحة في «الأفلان»، ويتعلق الأمر بجناح القيادة الحالية التي يتزعمها الأمين العام «عبد العزيز بلخادم» من جهة، وكذا المعارضين لبقائه على رأس الحزب تتقدّمهم ما يسمى ب «حركة التأصيل والتقويم» التي يقودها «عبد الكريم عبادة» العضو السابق فيما كان يُعرف بأمانة الهيئة التنفيذية (المكتب السياسي حاليا) مدعوما بوزراء سابقين وهم «الهادي خالدي» و«محمد الصغير قارة» «عبد الرشيد بوكرزازة». كما يتفق الجناح الثالث مع هذه الحركة، ويتشكل مما يعرفون ب «المركزيين» بزعامة الأمين السابق لمحافظة «الأفلان» بحسين داي، «أحمد بومهدي»، وبجانبه عدد كبير من أعضاء اللجنة المركزية الذين يتحدّون «بلخادم» بأنهم يمتلكون النصاب القانوني لسحب الثقة منه، أي أكثر من ثلثي الأعضاء. وفي الأسابيع القليلة الماضية ظهر جناح آخر داعم لفكرة ضرورة رحيل الأمين العام الحالي ويتعلق الأمر بالوزراء الثمانية، بقيادة «عمار تو»، وهم الذين وجّهوا رسالة إلى «عبد العزيز بلخادم» غداة استقالة «أحمد أويحيى» من قيادة «الأرندي»، مطالبين إياه بترك منصبه. وعليه فإن كل هذه المؤشرات توحي بأن دورة اللجنة المركزية ستعرف تجاذبات لا تختلف عما حصل في منتصف شهر جوان من العام الماضي عندما اندلعت مواجهات دامية بين مؤيدي الأمين العام ومعارضيه في ساحة فندق «الرياض» غرب العاصمة، ويتوقع أن يشهد أجواء مشحونة أكبر هذه المرة خاصة وأن الأمر له صلة مباشرة بحسابات رئاسيات 2014 التي يدرك «بلخادم» أن لعبتها تحسم الخميس المقبل خاصة إذا لم تكن لدى رئيس الجمهورية «عبد العزيز بوتفليقة» النية في الترشح لعهدة جديدة بعد إقرار التعديل الدستوري. وفي ظل الصدام الحاصل على الشرعية فاجأ «بلخادم» أنصاره قبل خصومه عندما تمسّك بالاحتكام إلى الصندوق من أجل عرض تجديد الثقة فيه لمواصلة المهمة أو الانسحاب، فرغم أن الكثير من المراقبين كانوا يعتقدون أن تصريحاته الأخيرة بخصوص مسألة «الصندوق» كانت مجرّد «تكتيك» لربح الوقت إلا أن البيان الصادر أمس عن القيادة يؤكد نية الرجل في الذهاب بهذا الخيار إلى منتهاه، وهي مغامرة حقيقية قد تُسرّع برحيله على شاكلة «أويحيى»، لكن العارفين للرجل يؤكدون أن خطوته الجريئة هذه مؤشر على أنه تمكّن من «تخييط» العملية بجمع التأييد من أعضاء اللجنة المركزية. وبعيدا عن القراءات الاستباقية والسيناريوهات المحتملة، فإن الثابت هو أن دورة اللجنة المركزية ستضع حدّا لحالة اللااستقرار التي يعشيها «الأفلان» منذ 2010، لأن اللجوء إلى الصندوق يعني اتضاح الصورة بشأن الطرف الأقوى. وبموجب المستجدات الحاصلة سيقوم «عبد العزيز بلخادم» في الجلسة الأولى لدورة اللجنة المركزية – بعد مراسيم الافتتاح- بتشكيل مكتب عن صندوق الانتخاب من محضرين قضائيين ليتم بعدها مباشرة المناداة على أسماء أعضاء اللجنة المركزية للإدلاء بأصواتهم. وبحسب نصّ النظام الداخلي الخاص بدورة اللجنة المركزية الذي اطلعت عليه «الأيام»، فإن كل عضو من هذه الهيئة يتسلم ورقة انتخابية واحدة موصوفة ب «أجدّد الثقة» و«أسحب الثقة» ليتم وضع علامة خاصة بموقف كل عضو المؤيد يكشط فيها على «أجدّد الثقة» والمعارض على «أسحب الثقة» إلى حين تنتهي عملية التصويت بالثقة لكافة الأعضاء الحاضرين (وجهت الدعوة ل 330 عضوا). وبعد الانتهاء يقوم المحضرون بعملية الفرز ليتم الإعلان بعدها عن نتائج التصويت، وفي حال حصل «بلخادم» على الأغلبية للاستمرار على رأس الحزب يقترح مباشرة تشكيل مكتب الدورة ويتم الشروع في تدارس النقاط المدرجة في جدول الأعمال. وفي الاحتمال الثاني، أي في حال أفرز الصندوق العكس يعلن المحضر القضائي شغور منصب الأمين العام ثن يفتح باب الترشح للمنصب ويتلقى الترشيحات ويتم انتخاب أمين عام جديد للحزب العتيد. ووفق جدول الأعمال الذي أرسلته القيادة إلى أعضاء اللجنة المركزية، سيتم خلال هذه الدورة مناقشة أربعة بنود تتعلق بالقضايا التنظيمية ونتائج الانتخابات التشريعية والمحلية وانتخابات مجلس الأمة ومشروع اقتراحات تعديل الدستور وكذا مشروع ميزانية الحزب للسنة الجارية. وكان المكلف بالإعلام، «قاسة عيسي»، قد أكد بأن هذه الدورة «لا يحضرها سوى أعضاء اللجنة الذين لهم الحق في ذلك إلى جانب المحضرين القضائيين للفصل عن طريق الصندوق في مسألة تثبيت أو سحب الثقة من الأمين العام عن طريق الاقتراع السري تطبيقا للشفافية والنزاهة التامة».