ودّعت الجزائر أمس بكاملها ثالث رئيس للجمهورية في ظرف سنة واحدة إلى مثواه الأخير بمربع الشهداء بمقبرة العالية في جو جنائزي مهيب وبحضور كبار المسؤولين من حقب مختلفة، وشخصيات وطنية وحزبية ومسؤولين سامين من دول عربية شقيقة. وري جثمان الرئيس الراحل علي كافي أمس الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العالية في جنازة كبيرة ومهيبة تليق بمقام رئيس المجلس الأعلى للدولة، جنازة الرئيس علي كافي كانت كبيرة بحق لأن الرجل الذي كان طيبا مع الجميع وحاول عندما كان مسؤولا لم شمل الجميع نجح بكل تأكيد في جمع كل المسؤولين الجزائريين في جنازته، فلم يتخلف أي مسؤول عسكري أو حزبي أو إداري أمس عن مقبرة العالية لتوديع الرجل القوي، فكان الحضور مكثفا من مختلف الأجيال والحقب التي مرت عليها الجزائر بعد الاستقلال وقبله. حضر كل المسؤولون الحاليون في هرم ومؤسسات الدولة، من قيادات الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والأمن الوطني، والحماية المدنية، إلى جانب أعضاء الحكومة والولاة وباقي المسؤولين، والشخصيات الوطنية والتاريخية والمجاهدين من رفقاء المرحوم وممثلي المجتمع المدني. لقد جمع علي كافي في جنازته أجيالا من المسؤولين وأبناء الوطن الذين تداولوا على حكمه في فترات مختلفة، وفي مناصب المسؤولية المختلفة وصل جثمان الرئيس علي كافي إلى مقبرة العالية من محمولا فوق طرف عسكرية وملفوفا بالعلم الوطني، وعلى موسيقى الحرس الجمهوري وتحت تحية تشكيلات من الجيش الوطني الشعبي، ثم أدخل الجثمان محمولا على أكتاف ضباط من الجيش إلى مربع الدفن، حيث كانت وفودا كبيرة مصطفة هناك في انتظاره، وفود ضمت شخصيات وطنية كبيرة وممثلين من دول عربية شقيقة شاركوا الجزائر ألمها. وبعد أداء صلاة الجنازة على جثمان المرحوم من طرف إمام وتلاوة الفاتحة والدعاء له بالرحمة والمغفرة قرأ وزير المجاهدين محمد الشريف عباس تأبينية في حق الراحل عدد فيها خصال علي كافي ومناقبه وحنكته وحكمته، وقال محمد الشريف عباس أن “الفقيد كان رجلا مخلصا وقامة سامقة محترمة من بين قامات الجزائر… وقد شاء القدر أن يغادرنا في العام الذي تحتفل فيه البلاد بالذكرى الخمسين لاستقلالها”، وأضاف أن “الراحل كان رمزا من رموز الوطن من الذين قيدهم الله ليجمعوا بين الجهادين”. و قد دفن الرئيس علي كافي بجانب الرئيسين الراحلين أحمد بن بلة و الشاذلي بن جديد وقد جرت مراسيم الدفن بعد ذلك بمشاركة المسؤولين السامين في السلطة بعد موسيقى عسكرية و طلقات من بنادق تشكيلة من الحرس الجمهوري تحية وتقديرا لمقام الرجل ودوره في بناء الجزائر الحديثة. وقد شوهدت شخصيات وطنية كبيرة أمس في جنازة الرئيس علي كافي مثل اللواء خالد نزار وزير الدفاع في آخر سنوات حكم الراحل الذي رفض الإدلاء بأي شهادة عن المرحوم رغم إلحاح الصحفيين، وعلي بن فليس، مولود حمروش، على هارون، محمد عطايلية، أحمد طالب الإبراهيمي ووزراء وإطارات من فترات سابقة وقيادات وعمداء سابقين في الجيش الوطني الشعبي وكافة أعضاء الحكومة ومسؤولي العديد من الأحزاب والمنظمات، وقد جرت مراسيم جنازة الراحل في ظل تنظيم محكم داخل المقبرة حيث خصصت أماكن لاستقبال الضيوف، وتم التحكم في الجنازة بشكل جيد على خلاف الجنازات السابقة، و منع المواطنون من دخول المقبرة نظرا للعدد الهائل للرسميين الذين حضروها، لكن هذا لم يمنع العديد منهم من الاصطفاف على حافة الطرق المؤدية إلى المقبرة رافعين أعلاما وطنية. وكان الموكب الجنائزي قد انطلق من قصر الشعب في حدود الواحدة والنصف ظهرا حيث جر نعش الفقيد بعربة عسكرية مزينة بالورود والعلم الوطني ومر بطول شارع ديدوش مراد وسط العاصمة، ثم نحو الطريق السريع المحاذي للبحرإلى أن وصل إلى مقبرة العالية وكان موكب رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين والضيوف الأجانب يتبعه.