شُيّع جثمان الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، أمس، إلى مثواه الأخير ب »مربع الشهداء« بمقبرة العالية إلى جانب الرئيس الراحل أحمد بن بلة، وقد جرت مراسم الدفن في جو جنائزي مهيب يتقدّمه كل من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا، علي كافي، مرفوقين بعائلة الراحل وكبار المسؤولين في الدولة، وشخصيات سياسية ورؤساء أحزاب وممثلي العديد من الدول العربية. اجتمعت الكثير من الوجوه السياسية والشخصيات الوطنية ورؤساء الأحزاب والتنظيمات وكذا ممثلي المجتمع المدني وأعضاء من الأسرة الثورية ومواطنين، في جنازة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد وسط تعزيزات أمنية مشدّدة داخل مقبرة العالية ومحيطها، حيث جرت مراسم دفن الرئيس الراحل في جنازة تليق بمقامه كثالث رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة. وكان اللافت فيها تقدّم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المشيعين إلى جانب عائلة المرحوم برفقة رئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا علي كافي وقادة في الجيش. ورافق الجثمان كذلك كل من الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، عبد المالك قنايزية، ورئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، بالإضافة إلى الوزير الأولى، عبد المالك سلال، ورئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز، ومعهم شقيقا الرئيس بوتفليقة وقادة في الجيش، والرئيس السابق للمجلس الدستوري بوعلام بسايح. ومرة أخرى غاب رئيس الجمهورية السابق اليامين زروال عن مراسم تشييع جنازة الراحل بن جديد، مثلما حصل في جنازة الرئيس أحمد بن بلة في أفريل الماضي، في حين حضر الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، ووفود من عدة دول عربية أبرزها الوفد التونسي المشكل من وزير الشؤون الخارجية رفيق عبد السلام، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، ورئيس أركان الجيش التونسي الفريق الأول رشيد عمار، وكذا مدير الديوان الرئاسي عماد الدايمي. ومن الجانب المغربي كان التمثيل على أعلى مستوى بوزير الخارجية سعد الدين العثماني ووزير الأوقاف أحمد توفيق ومستشار الملك عمر عزيمان، وقد حرص الوفد على الحضور إلى أن ووري جثمان الرئيس الراحل الثرى رغم وجود الرئيس الصحراوي. ولم يكن أي تمثيل للطرف الليبي باستثناء حضور القائم بالأعمال في السفارة، كما أن السلطات المصرية أوفدت وزير الشؤون الدينية طلعت محمد عفيف سالم. وكان الحضور القطري بنجل أمير دولة قطر، الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني، مثلما اكتفت دول عربية أخرى وأجنبية بتسجيل حضورها عن طريق إيفاد ممثليها الدبلوماسيين المعتمدين في الجزائر. فيما كان حضور شخصيات وطنية كبيرا على غرار رؤساء حكومات سابقين منهم سيد أحمد غزالي، مولود حمروش، علي بن فليس، أحمد أويحيى، ووزراء حاليون في الحكومة ووزراء سابقين كما هو الحال بالنسبة إلى كل من لخضر الإبراهيمي وأحمد طالب الإبراهيمي، وإطارات في الجيش والدولة ونواب في حاليون وسابقون في البرلمان بغرفتيه. وعرفت مراسم تشييع جثمان الرئيس الراحل إلى مثواه الأخير تنظيما محكما، حيث لوحظ منذ الساعات الأولى من يوم أمس انتشار مكثّف لأعوان الشرطة في عين المكان، سبقهم إليها أعوان النظافة »ناتكوم« الذين أزالوا كل ما كان متراكما داخل وخارج المقبرة لتحضير استقبال المشيّعين. وبدأت جموع المشيّعين تتقاطر على العالية تباعا منذ الساعة العاشرة صباحا كان أبرزها من الرسميين قيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين وعدد من الولاة وشخصيات دينية من أمثال شيخ الزاوية القاسمية ب »الهامل«. وقد انشغل الصحفيون بتوافد مختلف الشخصيات التي احتكت بالرئيس الراحل للحصول على تصريحات حتى وإن كانت مثيرة مثلما حصل مع وزير الشؤون الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي ووزير العدل في عهد بن جديد، علي بن فليس، الذين رفضا الخوض في تفاصيل سؤال إن كان المرحوم استقال أو أقيل. واستمرّت تلك الأجواء التي التقى فيها رجال السياسة تفادى فيها الكثير منهم الإدلاء بتصريحات إعلامية قد تسبّب لهم الحرج تحت مبرّر أن المناسبة لا تليق للخوض في أمور جدلية. ووصل جثمان الرئيس الفقيد الشاذلي بن جديد إلى »مربع الشهداء« بمقبرة العالية في حدود الساعة الثالثة إلا عشر دقائق بعد أن نُقل من »قصر الشعب« مسجى بالعلم الوطني على متن عربة عسكرية مكشوفة محاطة بأكاليل من الزهور، بعد أن جاب الموكب الجنائزي شوارع »ديدوش مراد« و»البريد المركزي« وشارع »جيش التحرير الوطني«. وبعد أداء صلاة الجنازة على الفقيد والدعاء له، تفرّغ وزير المجاهدين لقراءة الكلمة التأبينية التي اعتبر فيها بأن الرئيس الشاذلي بن جديد يعتبر واحد من عظماء الجزائر وقادتها الكبار، واصفها إياه ب »الرجل المخلص والقامة الشامخة«، وقال فيه أيضا »إن الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد جزء من تاريخ الأمة الجزائرية التي ساهم بما أوتي من عزم في صناعة جزء من حقبتها التاريخية«.