الجزائر تودع الشاذلي بن جديد إلى مثواه الأخير وفود دبلوماسية عالية المستوى تشارك الجزائر توديع رئيسها الثالث ودّعت الجزائر أمس بكاملها ثالث رئيس للجمهورية الراحل الشاذلي بن جديد إلى مثواه الأخير بمربع الشهداء بمقبرة العالية في جو جنائزي مهيب بحضور أعلى السلطات في البلاد يتقدمهم رئيس الجمهورية، وكبار المسؤولين من حقب مختلفة، وشخصيات وطنية وحزبية ومسؤولين سامين من دول عربية شقيقة. وري جثمان الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد أمس الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العالية في جنازة كبيرة ومهيبة تليق بمقام ثالث رئيس للبلاد بعد الاستقلال، جنازة الرئيس الشاذلي كانت كبيرة بحق لأن الرجل الذي كان طيبا مع الجميع وحاول عندما كان مسؤولا لم شمل الجميع نجح بكل تأكيد في جمع كل المسؤولين الجزائريين في جنازته، فلم يتخلف أي مسؤول عسكري أو حزبي أو إداري أمس عن مقبرة العالية لتوديع الرجل الأنيق، فكان الحضور مكثفا من مختلف الأجيال والحقب التي مرت عليها الجزائر بعد الاستقلال وقبله. وقد حضر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ورئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا علي كافي مراسيم دفن الشاذلي بن جديد بمربع الشهداء، والى جانبهم حضر كل المسؤولون الحاليون في هرم ومؤسسات الدولة، من قيادات الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والأمن الوطني، والحماية المدنية، إلى أعضاء الحكومة والولاة وباقي المسؤولين، والشخصيات الوطنية والتاريخية والمجاهدين من رفقاء المرحوم وممثلي المجتمع المدني. لقد جمع الشاذلي بن جديد في جنازته أجيالا من المسؤولين وأبناء الوطن الذين تداولوا على حكمه في فترات مختلفة، وفي مناصب المسؤولية المختلفة. في حدود الثالثة بعد الزوال وصل جثمان الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد إلى مقبرة العالية مجرورا من طرف عربة عسكرية وملفوفا بالعلم الوطني، وعلى موسيقى الحرس الجمهوري وتحت تحية تشكيلات من الجيش الوطني الشعبي ادخل الجثمان محمولا على اكتاف ضباط من الجيش إلى مربع الدفن، حيث كانت وفودا كبيرة مصطفة هناك في انتظاره، وفود ضمت شخصيات وطنية كبيرة وممثلين من دول عربية شقيقة شاركوا الجزائر ألمها، وكان وراء الجثمان مباشرة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ورئيس المجلس الأعلى للدولة سابقا علي كافي، و الوزير الأول عبد المالك سلال، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق احمد قايد صالح وأعضاء في الحكومة.وبعد أداء صلاة الجنازة على جثمان المرحوم من طرف إمام وتلاوة الفاتحة والدعاء له بالرحمة والمغفرة قرأ وزير المجاهدين محمد الشريف عباس تأبينية في حق الراحل عدد فيها خصال الشاذلي ومناقبه وحنكته وحكمته، وقال محمد الشريف عباس أن "الفقيد كان رجلا مخلصا وقامة سامقة محترمة من بين قامات الجزائر.. وقد شاء القدر أن يغادرنا في العام الذي تحتفل فيه البلاد بالذكرى الخمسين لاستقلالها"، وأضاف أن "الراحل كان رمزا من رموز الوطن من الذين قيدهم الله ليجمعوا بين الجهادين". وبعد أن استعرض عباس جزءا من تاريخ بن جديد قال في حقه أيضا انه "أعاد الاعتبار لرجال شاءت لهم الظروف وهم في ذمة الله أن أصيبوا في حياتهم بهينات بسيطة.. لقد كان احرص من يكون على أن لا تضيع تضحيات الشهداء، و من حق الأجيال الجديدة أن تعرف الحقيقة عن السجل الحقيقي لهذا الرجل". و قد دفن الشاذلي على يمين الرئيس الراحل أحمد بن بلة وقد جرت مراسيم الدفن بعد ذلك بمشاركة رئيس الجمهورية بعد موسيقى عسكرية و طلقات من بنادق تشكيلة من الحرس الجمهوري تحية وتقديرا لمقام الرجل ودوره في بناء الجزائر الحديثة. وقد شوهدت شخصيات وطنية كبيرة أمس في جنازة الرئيس الشاذلي بن جديد مثل اللواء خالد نزار وزير الدفاع في آخر سنوات حكم الراحل الذي رفض الإدلاء بأي شهادة عن المرحوم رغم إلحاح الصحفيين، وعلي بن فليس، مولود حمروش، على هارون، محمد عطايلية، أحمد طالب الإبراهيمي ووزراء وإطارات من فترات سابقة وقيادات وعمداء سابقين في الجيش الوطني الشعبي وكافة أعضاء الحكومة ومسؤولي العديد من الأحزاب والمنظمات، وقد جرت مراسيم جنازة الراحل في ظل تنظيم محكم داخل المقبرة حيث خصصت أماكن لاستقبال الضيوف، وتم التحكم في الجنازة بشكل جيد على خلاف الجنازات السابقة، و منع المواطنون من دخول المقبرة نظرا للعدد الهائل للرسميين الذين حضروها، لكن هذا لم يمنع العديد منهم من الاصطفاف على حافة الطرق المؤدية إلى المقبرة رافعين أعلاما وطنية. وكان الموكب الجنائزي قد انطلق من قصر الشعب في حدود الواحدة والنصف ظهرا حيث جر نعش الفقيد بعربة عسكرية مزينة بالورود والعلم الوطني ومر بطول شارع ديدوش مراد وسط العاصمة، ثم نحو الطريق السريع المحاذي للبحر إلى أن وصل إلى مقبرة العالية وكان موكب رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين والضيوف الأجانب يتبعه. وقد شاركت دول عربية شقيقة الشعب الجزائري جنازة الرئيس الشاذلي بن جديد، حيث أوفدت كلا من تونس والمغرب وزيري خارجيتها، وأوفدت مصر وموريتانيا وزيريها للشؤون الدينية، بينما مثل السلطة الفلسطينية عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح عباس زكي، وأرسل أمير قطر نجله من جهته، كما شارك في مراسيم تشييع جثمان الراحل الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز ووفد صحراوي من اعلي مستوى، فضلا عن ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد ببلادنا والملحقين العسكريين. محمد عدنان شهادات في المقبرة عن الشاذلي أحمد طالب الابراهيمي عاش بسيطا وهو أكثر الرؤساء الذين يذكرونهم الجزائريون بخير أدلى أحمد طالب الإبراهيمي بشهادة خاصة عن الرئيس الراحل أمس في مقبرة العالية قال فيها" هو إنسان متواضع عاش حياته ببساطة مع عائلته ومساعديه واصدقائه وشعبه، و كان يمثل العطف والحنان. سياسيا هو رئيس لمدة 13 سنة يمكن أن نقول باختصار ونقتصر على الجوانب الايجابية رئاسة المرحوم اتسمت بإرادة قوية لتحسين الحياة اليومية للجزائريين.. كان من الرؤساء القلائل الأكثر حرصا على هذا الجانب، وربما يعد أكثر الرؤساء الذين يذكرونه الجزائريون خيرا، حيث قام بإلغاء رخصة الخروج إلى الخارج وقرر بيع السكنات للمواطنين. في السياسة الخارجية خطا الراحل خطوات الأولى لدمقرطة الحياة السياسية وإدخال الجزائر لاقتصاد السوق في مرحلة صعبة، كما انه كرس علاقات الأخوة وحسن الجوار مع كل الدول المحيطة بالجزائر وواصل دعم القضية الفلسطينية والشعب الصحراوي، وحافظ على مكانة الجزائر في حركة عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الإفريقية، وأخرجها من عزلتها التي كانت في محور الاتحاد السوفياتي، وأرسى آليات العلاقة مع الغرب لكن ذلك لم يكن خضوعا، وعندما وقعت أحداث أكتوبر وخلافا لكل الرؤساء العرب الذين تعرفونهم لم يتمسك بالكرسي وذهب إلى بيته بعزة وكرامة". مولود حمروش كان صبورا على رفاقه وأصدقائه ورحيما بأعدائه كما قال رئيس حكومة الإصلاحات ورفيق الشاذلي في هذا المسعى مولود حمروش هو الآخر كلمة في حق الرئيس الراحل" الشاذلي بن جديد المناضل الرئيس والقائد العسكري خرج من الريف الجزائري وخريج جيش التحرير الوطني.. تقلد مختلف المسؤوليات السياسية والعسكرية بالبلاد ليكون خلفا لعظيم آخر هو بومدين، ولتعويض شخص بأهمية وسمعة بومدين كان ذلك يحتاج إلى حكمة وقدرات، وهذه الحكمة كانت في الشاذلي بن جديد، كان قادرا على تحملها ليرتقي إلى مستوى مسؤولياته فكان رئيسا جديدا في العمل فهم مختلف الملفات التي كانت موجودة على مكتب الراحل بومدين. كان صبورا مع زملائه ورفاقه وكان رحيما حتى مع أعدائه ولم يكن يحمل الضغينة لأي كان، يشهد له التاريخ انه أطلق سراح بن بلة واتخذ إجراءات مع المعارضة.. وبدأ الانفتاح مع أحداث أكتوبر التي أفهمته أن النظام القائم لم يعد قادرا على حل المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومنه قرر إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية أولها دستور 1989 وانطلق من فكرة انه لابد من وضع مؤسسات إضافية خلال مؤتمر الآفلان سنة 89. ولكل جواد كبوة قد يكون الرجل نجح في العديد من القضايا وقد يكون أخطأ في بعضها..هذا الجيل الذي نشأ تحت ظلم العبودية اخذ زمام المبادرة في الحرب من اجل الحرية فكانت له القابلية لرد فعل سريع عن تلك الأحداث، كان له نقص في التخطيط وإدارة المشاريع لكنه كان يحل المشاكل بالعمل وليس بالنظريات السياسية والاقتصادية". م- عدنان الجزائريون يردون جميل الرئيس الشاذلي آلاف المواطنين احتشدوا لتوديع الرئيس الفقيد احتشد أمس الآلاف من المواطنين على جنبات مسلك الموكب الجنائزي الذي نقل جثمان الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد إلى مقبرة العالية، لإلقاء التحية الأخيرة على جثمان الفقيد، وتعالت الزغاريد من شرفات العمارات وفي الشارع وسط الدعوات بالرحمة على روح الرئيس الطاهرة. ورفع البعض صور الرئيس الراحل في لحظات مؤثرة . تواصلت طيلة صباح أمس، مراسيم الترحم على جثمان الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، والتي كانت قد بدأت يوم الأحد، بقصر الشعب، وخصصت للوفود الاجنبية التي جاءت الى الجزائر لتقديم واجب العزاء، وكان من بين المعزين، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي الذي وقع على سجل التعازي، و قال في تصريح للصحافة بأن "الراحل الشاذلي بن جديد لم يكن رئيسا للجزائر فقط و إنما قائدا للأمة العربية ينتصر لقضايا السلم و احتضن القضية الفلسطينية". وأضاف أن الفقيد "كانت له بصمات واضحة في التعددية و الإصلاح". كما ترحم على روح الفقيد وفد من المملكة المغربية يتكون من وزير الشؤون الخارجية سعد الدين العثماني و وزير الأوقاف و الشؤون الدينية أحمد توفيق و مستشار الملك محمد السادس عمر عزيمان. وصرح وزير الأوقاف المغربي أحمد توفيق أن الشاذلي بن جديد "كان من اكبر قادة الجزائر و المغرب العربي" و أن وفاته "ليست خسارة للجزائر فحسب بل لكل المنطقة". وقدم وفد تونسي بقيادة وزيري الدفاع والخارجية عزاء السلطات التونسية، وقال وزير الدفاع عبد الكريم زبيدي انه جاء للجزائر لتقديم واجب العزاء. كما ترحم على روح الفقيد وزير الشؤون الدينية المصري طلعت سالم. والرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، الذي صرح عقب قراءة الفاتحة على روح الفقيد، أن "الشاذلي بن جديد يعد أحد أبناء الجزائر الأوفياء في خدمة البلاد و الكفاح من أجل الاستقلال و في معركة بناء الجزائر". قبل الشروع في التحضير لانطلاق الموكب باتجاه مقبرة العالية، أين ووري جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بمربع الشهداء. وفي حدود الساعة الثانية زوالا، نقل جثمان الفقيد الذي كان مسجى بالراية الوطنية، عبر البوابة الرئيسية لقصر الشعب، على أكتاف ضباط في الجيش، ووضع في عربة مزينة بالورود تجرها آلية عسكرية، وبعدها خرج الرئيس من قصر الشعب لمرافقة الجثمان إلى مثواه الأخير، لينطلق بعدها الموكب الجنائزي، باتجاه مقبرة العالية عبر أحياء العاصمة. ورافق رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الموكب الجنائزي للرئيس الراحل الشاذلي بن جديد باتجاه مقبرة العالية، ومعه رئيس المجلس الأعلى للدولة علي كافي، واللذان كانا قبل أشهر فقط برفقة الراحلين الرئيس احمد بن بلة الذي وافته المنية قبل أربعة أشهر، والرئيس الشاذلي الذي انتقل إلى جوار ربه السبت الماضي. وكان شارع ديدوش مراد أول محطة للموكب الجنائزي، أين اصطف المواطنون بالآلاف على جنبات مسلك الموكب لإلقاء التحية الأخيرة على جثمان الفقيد، وتعالت الزغاريد من شرفات العمارات وفي الشارع وسط الدعوات بالرحمة على روح الرئيس الطاهرة. والبعض اخرج صور للرئيس الفقيد ورفعت عند مرور الموكب. تحت تصفيقات الحاضرين، فيما حرص آخرون على اخذ مشاهد عن هذا الحدث الذي عرفته الجزائر. وانتقل بعدها الموكب عبر البريد المركزي، وهنا تكرر نفس المشهد، بتوافد حشود غفيرة من المواطنين، أين تجمع مواطنون من مختلف الأعمار، من الشباب والشيوخ والنساء، وطلبة المراكز الجامعية، بل وحتى الصغار لتحية الموكب الجنائزي، وانتقل بعدها الموكب عبر محطة "تافورة" ثم نهج التحرير، الذي غص بجموع المواطنين لإلقاء التحية على روح الفقيد. ليمر بعدها الموكب عبر الطريق السريع باتجاه باب الزوار إلى مقبرة العالية. أين كان المئات من المواطنين ينتظرون لحظة وصول الموكب الجنائزي. وبمدخل المقبرة قدمت تشكيلة من الحرس الجمهوري، التحية العسكرية للرئيس الراحل، وحمل نعش الرئيس على أكتاف ضباط من الجيش، قبل أين يوضع النعش في المكان المخصص لإقامة صلاة الجنازة على الفقيد.