شرع أعضاء في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني في حملة لجمع التوقيعات من أجل الإسراع في عقد الدورة الطارئة لأعلى هيئة بين مؤتمرين وانتحاب أمين عام للحزب الذي لا يزال دون رأس منذ 31 من شهر جانفي الماضي، لكن هذه المساعي قد تصطدم بمنسق المكتب السياسي عبد الرحمان بلعياط الذي يتمسّك بموقفه المتمثل في أن الشروط لم تجتمع بعد. تقود وجوه محسوبة عن حركة "التقويم التأصيل" وتلك التي كانت وراء سحب الثقة من الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، حملة جديدة من أجل إقناع ثلثي أعضاء اللجنة المركزية للذهاب نحو عقد الدورة الاستثنائية في أقرب الآجال، وقد أرجع أصحاب المبادرة هذه الخطوة إلى ما اعتبروه "إصرار منسق المكتب السياسي للحزب عبد الرحمان بلعياط على عدم استدعاء الدورة الطارئة" على الرغم من مرور أربعة أشهر كاملة على سحب الثقة من بلخادم، وكان الاتفاق حينها أن يتم استخلافه في ظرف لا يتعدى أسبوعين على الأكثر. وأكثر من ذلك فإن أعضاء في اللجنة المركزية وجهوا اتهاما صريحا إلى بلعياط ب "العمل على تمديد عمر الأزمة"، وقال مصدر تحدّث مع "الأيام" إن "مشكلة عبد الرحمان بلعياط هي أنه محسوب عن الأمين العام السابق وما يقوم به الآن هو مجرّد تعطيل واضح لحلّ الأزمة التي يمرّ بها الحزب المقبل على استحقاقات مهمة على رأسها تعديل الدستور ثم الانتخابات الرئاسية التي يتوجب أن نكون طرفا أساسيا فيها"، ولذلك يرى أنه "من الضروري في ظل هذه الظروف أن نبادر لتجاوز هذه الوضعية". وقد وضع أصحاب مبادرة جمع التوقيعات سقفا زمنيا أقصاه نهاية شهر جوان الجاري او بداية الشهر الذي يعقبه من أجل استكمال العملية، لكن هذه الرغبة قد تصطدم بلعبة التحالفات خاصة وأن غالبية أعضاء اللجنة المركزية يرفضون الاستثمار في أسمائهم من أجل تحقيق توجهات جناح بعينه، فما يسمى ب "حركة التقويم والتأصيل" التي يقودها عبد الكريم عبادة مدعوما الوزراء السابقين محمد الصغير قارة والهادي خالدي وعبد الرشيد بوكرزازة لم يعد يحظى بالدعم، وهو ما ينطبق على "المركزيين" بقيادة أحمد بومهدي. وقد استغل منسق المكتب السياسي للحزب هذا الشرخ داخل أعضاء اللجنة المركزية، فهو ابن الحزب ويعرف الكثير من خباياه ما جعله يتحكم في الوضع بشكل لم يثر أي زوبعة ضده رغم ارتفاع بعض الأصوات بين الفينة والأخرى تطالبه باستدعاء الدورة الطارئة، وزيادة على ذلك لم يظهر أيّ تأثير من وزراء الأفلان الذين كانت لهم يد في الإسراع بالإطاحة بالأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، وهو ينتظرون بعض الإشارات، لكن ذلك لا يبدو قريبا ما دام لم يحسم في أمر التعديل الدستوري. ووفق ما يدور في أروقة جبهة التحرير الوطني فإن عبد الرحمان بلعياط يكون قد نصّب في الأيام الماضية مجموعة عمل مكلفة بإعداد النصوص التنظيمية والتوصيات الخاصة بعقد الدورة الطارئة للجنة المركزية، وكذا تحديد الشروط والمواصفات الواجب توفرها في الأمين العام المقبل وكذا تحديد كيفية انتخاب خليفة عبد العزيز بلخادم، ويسعى الجناح الذي كان داعما للأخير إلى العودة إلى الصندوق من جديد مثلما أزيح الأمين العام عن طريق يتم انتخاب خليفته بنفس الآلية، ويقف بلعياط بقوة إلى جانب هذا الخيار. في غضون ذلك لا يزال الغموض سيد الموقف حول الأسماء المرشحة لتكون في واجهة الأحداث داخل جبهة التحرير الوطني في المرحلة المقبلة، فبين من يعتقد أن عبد الرحمان بلعياط مرشح ليستمر في تسيير شؤون "الأفلان" لأشهر أخرى حتى إلى ما بعد الرئاسيات، يطرح "المركزيون" اسم الصالح قوجيل ليكون أمينا عاما لمرحلة انتقالية إلى حين عقد المؤتمر الاستثنائي مباشرة بعد استحقاقات 2014، وأمام تعدّد السيناريوهات داخل "الحزب العتيد" فإن الأزمة لا تزال مستمرة وحلّها لن يكون قبل اتضاح الصورة بشأن الرئاسيات.