اشتهر مارتن لوثر كينغ بأنه كان لديه حلم. إلا أن فيلم «سيلما»، الذي أطلقته هوليوود، أخيراً، حول أعمال كينغ ومسيرته، قد صور الراحل على أنه صاحب «رؤية» أو «أمل» على أبعد تقدير، لكن حتماً ليس «حلماً»، وأفاد تقرير نشرته صحيفة «صنداي تايمز»، أخيراً، أن فيلم «سيلما»، الذي سيعرض في دور السينما البريطانية، قريباً، ويروي قصة المسيرات الاحتجاجية في ولاية ألاباما عام 1965، لم يتمكن من استخدام أي من أقوال أو خطب كينغ الشهيرة. الخطب التي حققت شهرة كينغ في جميع أنحاء العالم، وساعدت في إنهاء التمييز العنصري في أميركا، تحميها حقوق الحفظ والنشر المفروضة بشدة من قبل أبنائه. وقد اضطر كتاب السيناريو، من أجل استحضار الخطب إلى الشاشة الكبيرة، أن يقوموا بتأليف مقاربات تشبه بعض أكثر خطب كينغ الملهمة، من أجل تفادي الملاحقة القانونية. ولم تكن أي من الكلمات المؤثرة، التي نطق بها الممثل البريطاني ديفيد أويلو، الحائز لدوره الملفت على جائزة أوسكار، قد قالها كينغ نفسه. وحذر المؤرخون من أن ينتهي الأمر بجيل كامل تعلم من خلال الفيلم عن مسيرات الحقوق المدنية، وردّ الشرطة العنيف، إلى إساءة اقتباس كلام أحد أشهر الشخصيات المؤثرة للقرن العشرين. وقد سلطت مشكلة حقوق النشر الضوء على مخطط جني الأموال المتبع من قبل أبناء كينغ. وقال ديفيد غارو، الحائز على جائزة بولتزر لكتابة السيرة الذاتية لكينغ: «يصوره الفيلم بشكل جيد جداً، ويتفادى في الوقت عينه مطامع العائلة». وقد سبق للمؤرخين أن أعربوا عن استيائهم من «سيلما» لارتكابه خطأً في تصوير وجود خلاف بين الرئيس الأميركي الأسبق ليندون جونسون، وكينغ حول توسيع نظام حقوق اقتراع السود. واتهم جوزيف كاليفانو، المستشار الأعلى لليندون، صناع الفيلم ب«الحصول على رخصة درامية ملفقة لقصة حقيقية لم تكن بحاجة لأية زخرفة». وكان كينغ نفسه أول من لجأ إلى حقوق النشر من أجل حماية خطبه، وذلك بعد أن عرض الخطاب الشهير الذي ألقاه عام 1963 بعنوان «لديّ حلم» للبيع في واشنطن. ولطالما كان الموقف القانوني مثار جدلٍ، نظراً لاستقاء خطب كينغ بوفرة من كلمات وعبارات تعود إلى مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان، وحقيقة أنها استمدت من محتوى موجود في وثائق تاريخية أخرى، واقتبست سطوراً من مسرحية «ريتشارد الثالث» لشكسبير. وكانت زوجة كينغ قد نجحت عبر السنين في مقاضاة العديد من المنافذ الإعلامية، بما في ذلك شبكتا «يو إس إي توداي» و«سي بي إس» لاستخدام أجزاء من الخطاب من غير إذن. ولطالما شكل موضوع إدارة ممتلكات كينغ مثار نزاعات عائلية، في ظل عدم اتفاق الأبناء الثلاثة على التعامل مع إرثه. ولم تتفق العائلة يوماً على طريقة معالجة الفيلم لحياة كينغ. وقال أويلو في مقابلة له، أخيراً، إنه كممثل بريطاني من أصل نيجيري، كان قادراً على كشف مكامن الضعف في شخصية كينغ، أكثر من أي ممثل أميركي آخر، تمت تربيته على إجلال الناشط في حقوق الإنسان منذ الصغر. يتطرق فيلم «سيلما»، وهو من إخراج أفا دوفيرني، إلى قضايا معقدة في حياة كينغ، تتضمن تعدد علاقاته خارج إطار الزواج، التي أخبر زوجته عنها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.