بالقدر الذي يجتهد فيه المسلم على إتيان أمور دينه الواجبة، ينبغي عليه أن يحرص على إتمام محسّناتها من السُّنن والآداب، ولأن مناسبة العيد فرصة نادرة، فإن الحرص على هذا الأمر يغدو أوكد، لذلك ينبغي له أن يراعي مجموعة من النقاط، يتّبعها -وهو الذي لا يجد حرجا في إتيانها لبساطتها-، ومن هذه النقاط ما يُعرف بآداب العيد والتي منها: - الاغتسال قبل الخروج للصلاة، فقد صحّ في "الموطأ" أَنَّ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ» كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى، وذكر الإمام «النووي» رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد، وقيل إن المعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد وربما أوكد. - الأكل بعد الصلاة في الأضحى، إذ يستحب ألا يأكل المسلم حتى يرجع من الصلاة، فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية، وقل إن لم يكن له أضحية، لا حرج أن يأكل قبل الصلاة. - التكبير، وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى "ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون"، وعن «الوليد بن مسلم» قال: سألت «الأوزاعي» و«مالك بن أنس» عن إظهار التكبير في العيدين، قالا "نعم كان، عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام"، وصحّ عن «أبي عبد الرحمن السلمي» أنه قال "كانوا في الفطر أشدّ منهم في الأضحى"، قال «وكيع»: يعني التكبير، وكان «ابن عمر» إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى، يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبّر حتى يخرج الإمام، وكان التّكبير يبدأ من حين الخروج من البيت إلى غاية الوصول إلى المصلى وإلى دخول الإمام، وكان مشهورا جدا عند السلف، ووردت صفة التكبير عن «ابن مسعود» رضي الله عنه أنه كان يكبّر أيام التشريق "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، ورواه «ابن أبي شيبة» مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير. - التهنئة، إذ من آداب العيد التهنئة التي يتبادلها الناس فيما بينهم، أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض "تقبل الله منا ومنكم" أو "عيد مبارك"، فعن «جبير بن نفير» قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض "تُقُبِّل منا ومنك"، قال «ابن حجر» إسناده حسن. - التجمل للعيدين، إذ ثبت عن «عبد الله بن عُمَرَ» رضي الله عنه قَالَ "أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه،ِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ"، رواه «البخاري»، وهنا يقول العلماء إن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ «عمر» على التجمل للعيد، لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير، وعن «جابر» رضي الله عنه قال "كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبّة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة"، صحيح «ابن خزيمة»، وروى «البيهقي» بسند صحيح أن «ابن عمر» رضي الله عنهما كان يلبس للعيد أجمل ثيابه، وهذا للرجال أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن ولا حرج وهن في بيوتهن. - الذهاب للصلاة من طريق والعودة من آخر، فعَنْ «جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ» رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ"، رواه «البخاري».