اعتبر سياسيون وصحفيون أن نتائج الجولة الأولى لانتخابات نقابة الصحفيين المصرية كشفت تنامي قوة تيار المعارضة في الحياة السياسية وتراجع تأييد النخبة للخط الحكومي، معتبرين أنها عكست المزاج السياسي العام في البلاد قبل أشهر من الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وفشل النقيب الحالي «مكرم محمد أحمد»، الذي تصفه الصحف المحلية بالمرشح الحكومي، في حصد النسبة الكافية من أصوات الصحفيين للتمديد له لولاية ثانية. ونتيجة لذلك اضطر إلى خوض جولة إعادة أمام وجه نقابي غير معروف هو مرشح تيار الاستقلال «ضياء رشوان» الذي يخوض أول انتخابات له داخل نقابة الصحفيين. وقال رئيس تحرير جريدة «الكرامة» «حمدين صباحي» إن انتخابات نقابة الصحفيين عبرت عن مزاج عام في مصر نحو التغيير واختيار وجوه جديدة، معتبرا أن دلالات هذه الانتخابات لا تقف عند حد الصحفيين بل تنسحب على الحياة السياسية العامة في مصر. وذكر صباحي لموقع «الجزيرة نت» أن هذه هي المرة الأولى التي يعجز فيها نقيب الصحفيين عن كسب ثقة الناخبين للتجديد له من أول جولة، ملاحظا أن هذه الانتخابات تعطي إشارات واضحة على المناخ الذي سيرافق الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلتين. واستبعد في هذا الإطار أن تشهد الانتخابات العامة نتائج مماثلة لانتخابات الصحفيين "بسبب غياب قواعد الشفافية المتوفرة في انتخابات الصحفيين مثل وجود إشراف قضائي كامل على كل صناديق ولجان الاقتراع والسماح للمجتمع المدني ووسائل الإعلام بالمراقبة". واعتبر صباحي أن فشل المرشح الحكومي (يقصد «مكرم محمد أحمد») في حسم الانتخابات رغم "الرشاوى الانتخابية" التي قدمتها الحكومة لدعمه وأولها زيادة البدل النقابي تثبت "فشل الرهان على استغلال الأوضاع المعيشية المتردية للصحفيين في كسب أصواتهم خاصة شباب الصحفيين". وفي المقابل، قلل «إسلام كمال» مساعد رئيس تحرير جريدة «روزاليوسف» -المقربة من الحزب الحاكم- من أهمية نتائج المرحلة الأولى لانتخابات نقابة الصحفيين، رافضا القول بأنها تمثل تعبيرا عن رغبة عامة في التغيير أو تعطي أي دلالات للوضع السياسي في مصر. وأقر «كمال» لموقع «الجزيرة نت» بأن تلك الانتخابات تحولت من استحقاقات نقابية إلى "معركة بين كتل وأحزاب سياسية داخل النقابة". ويعد «ضياء رشوان» من الصحفيين المعروفين برفضه ما يسمى بسيناريو توريث السلطة في مصر من الرئيس «حسني مبارك» إلى نجله «جمال» الذي يتولى منصبا رفيعا في الحزب الحاكم. وأطلق البعض على «رشوان» لقب "أوباما الصحافة المصرية" بالنظر إلى النتائج الكبيرة التي حققها في أول انتخابات يخوضها على منصب النقيب، بينما يعد «مكرم محمد أحمد» من الصحفيين المقربين من الرئيس «حسني مبارك»، فضلا عن رفضه استضافة النقابة لأي احتجاجات ضد الحكومة خلال فترة ولايته المنقضية. واعتبر «إسلام كمال» أن مساندي «رشوان» يوم الانتخابات هم شباب الحركات الاحتجاجية متهما معظمهم بأنهم ليسوا أعضاء بالنقابة، وقال إن هذا الدعم الذي يتلقاه «رشوان» من هذه الحركات يكشف نواياه لإعادة الفوضى للنقابة وفتح أبوابها للمعارضين والمحتجين على حساب مصالح الصحفيين وخدمتهم. واتهم «رشوان» بأنه "ليس ناصريا ولا يساريا ولا إخوانيا، إنه كل هؤلاء، إنه رجل يتلون، وعلينا إدراك هذه الحقيقة التي تدفعنا لتجديد الثقة في النقيب الحالي لأنه رجل ذو خط مهني وسياسي واضح ولا يتلون". ومن جهته اعتبر الصحفي الشاب «عماد أحمد» أن لجوء الحركات الاحتجاجية وأصحاب المطالب إلى مقر النقابة للتعبير عن مشاكلهم لا ينقص من قدرها بل يؤكد ريادتها في إيصال أصوات المحكوم إلى الحاكم، ولا يعني بالتبعية أنها تتبنى وجهة النظر هذه أو تلك. وطالب «أحمد» في تصريح لموقع «الجزيرة نت» النقيب القادم، من بين المرشحين، البحث عن بدائل واقعية لحل الأزمات الأساسية للصحفيين المتمثلة أساسا في إعادة هيكلة الأجور وإعادة النظر في القوانين التي تجيز حبس الصحفي في قضايا النشر. وذكر أن من بين المشاكل الأخرى التي تنتظر الحلول تلك المتعلقة ببعض الصحف المغلقة بقرارات إدارية رغم حصولها على أحكام قضائية منذ سنوات، مثل أزمة صحفيي جريدة «الشعب» الذين لا يتقاضون رواتب ولا تأمينات منذ إغلاق الجريدة بقرار حكومي قبل تسع سنوات.