التحقيقات الأمنية المطلوبة في تعيين المسؤولين من الدرجة العليا والمتوسطة، لم تعد تأخذ بها عدة وزارات، والسبب أنها تنتج مسؤولين فاسدين! والتحقيقات الإدارية التي تريد أن تعوض الأمنية لهذا السبب، أنتجت نفس الحالة أيضا منذ أن صار يتم الاعتماد عليها أكثر قبل نحو أربع سنوات، فقدمت مسؤولين أكثر فسادا وربما أكثر جهلا من أبي جهل! الفساد في الأنظمة منظومة متكاملة أصبحت لها نظرية في عالم السياسة تعرف بنظرية الفساد، تحكمها قواعد وأحكام، ولا دواء لها إلا بممارسة الحكامة أو ما يسمى بالحكم الراشد وليس بحكم راشدة نسبة إلى جمعية راشدة التي أسستها خليدة تومي ضد الحڤرة، قبل أن تستوزر وتحقر المثقفين والثقافة! وعندما لا تنتج التحقيقات الأمنية والإدارية إلا مزيدا من الفاسد والمفسدين، بحكم أن الطيور تقع على أشكالها ولا تؤتي عمليات المقارنة والتفحيص والتمحيص كحل ثالث يمزج بين الإثنين إلا بالأقل سوءا في أكثر الحالات، فإن ذلك يطرح تحديات كبرى أمام النظام وكل الأنظمة الفاسدة من أجل مواجهته واجتثاث جذوره كما اجتث الإرهاب! وهذا الحل الرابع لايمكن أن يمر إلا عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، لامكان فيها للغش وللتزوير بما فيها التزوير الذكي، فهو الوحيد الذي يسمح بخروج نخبة من المسؤولين غير الفاسدين شرط أن ترافق ترشح هؤلاء جملة من المقاييس الموضوعية فيما يعرف بالشعارات المتآكلة عندنا من الكفاءة والنزاهة والالتزام، ومع ذلك، فإن السؤال يظل مطروحا حول كيفية الوصول إلى هذا النوع من الانتخابات، لأن هذا يجرنا بدوره إلى الجزم بأن الحل لايكون في الإصلاح والترقيع، وإنما في التغيير الجذري، فهو الوحيد الذي بإمكانه نسف منظومة الفساد برمتها من أساسها وليس من الأطرافً! يجعل الفاسدين بين أربعة جدران وقضبان أو يولون الأدبار! وليس بعد هذا الحلّ شيء آخر إلا تلميع هؤلاء على طريقة الذين يحسبون أن كل ما يلمع ذهبا!