بعض الآراء تذهب إلى تقديم البلاد بما تتوفر عليه من وفرة نقدية بسبب ارتفاع مداخيل البترول إلى كونها أصبحت مثل قطعة شوكلاطة سويسرية تسيل اللعاب! وهذا الرأي صحيح بعض الشيء ولكنه مبالغ فيه لحد يدفع هؤلاء للغرور.. والغرور مفسدة ومهلكة ! قبل أيام زارنا رئيس الحكومة المصرية.. وراجت أخبار مفادها أن المصريين جاؤوا يطلبون “صدقة" من الجزائريين، خاصة أن موعد الزيارة وافق إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي تخص اقتراض نحو خمسة ملايير دولار! ومؤخرا زارنا رئيس الحكومة التونسية وعادت نفس أخبار الجرائد “وراديو تروتوار" للقول إنه جاء يطلب مالا خاصة أن تونس كمصر مازالت على أبواب مخاض ثورة شعبية لم تحسم لمن يدعهما! وقد يكون منح 100 مليون دولار لتونس على مدار خمس سنوات كما قررها بوتفليقة سببا آخر في إذكاء فكرة أن الجزائر تقدم صدقات للمحسنين! وعندما تؤكد الأرقام أن احتياطي الصرف يصل مع نهاية السنة إلى 210 مليارات دولار وأن المخطط المرسوم لغاية العام 2014 رصد له 286 مليار دولار سيتم إنجاز جزء منه لشركاء أجانب، يكون واضحا عندئذ معرفة سر تردد وغدو ورواح عدد كبير من الوفود الأجنبية عدا الزيارات الرسمية! فالمنطق يقول إن الناس الذي هم على دين ملوكهم يقصدون الدار الكبيرة ! لأنهم إذا لم يتعشوا يبيتون في الدفء على حد الرأي الشعبي بدليل أن البلاد حينما كانت خاوية على عروشها لم يكن أحد يذكرها ! أو يعرف حتى مكانها الجغرافي ومع ذلك فإن تهويل الأمر لحد تقديم الدولة على كونها محل أطماع من قبل الجميع وأن هؤلاء لا يرون طريقا لحل مشاكلهم إلا عبرها أمر غير صحيح. وهذا إذا عرفنا مثلا أن دولة قطر المستفيدة من ريع البترول تحرك استثمارات في مصر بقيمة 17 مليار دولار! فهذا الفضخ والتهويل سيؤديان إما الى اعتبار ان الدولة الجزائرية غنية جدا وشعبها فقير، أو إنها تتصدق بمالها على غيرها رغم أن الأقربين والمتساكنين فيها أولى بالمعروف!