شرع أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمس الإثنين، في زيارة رسمية إلى الجزائر بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي كان في استقباله لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين الدولي. وتم التوقيع على ثماني اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم بين الجزائر وقطر تتعلق بعدة ميادين منها النقل البحري، النفط والغاز والصناعة البتروكيماوية. كما تم التوقيع بالمناسبة على اتفاقية تتعلق بإنشاء شراكة جزائرية قطرية في مجال الحديد والصلب بمنطقة بلارة (جيجل) بحضور رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وسيساهم هذا المركب الذي سينشئ حوالي 2000 منصب شغل في تقليص فاتورة استيراد الجزائر للفولاذ البالغة سنويا 10 ملايير دولار أي ما يعادل 20 بالمائة من مجموع وارداتها. وقد وقعت هذه الاتفاقية من طرف رئيس مجلس الإدارة لشركة سيدار حسناوي شيبوب ومدير الصندوق الوطني للاستثمار حداد حسين عن الجانب الجزائري، وعلي بن حسين المريخي مدير شركة قطر “ستيل" الدولية. وقبل ذلك أجرى رئيس الجمهورية محادثات على انفراد مع أمير دولة قطر، وقد جرت المحادثات بمقر رئاسة الجمهورية. وسيعكف الطرفان على تقييم التعاون الثنائي بين البلدين ودراسة السبل الكفيلة بتعميقه وتنويعه في العديد من المجالات. هذا وتوالت زيارات أمير قطر إلى الجزائر حتى أصبحت المقصد العربي الأول للأمير القطري ولأركان دولته، حيث تتداخل المصالح الإستراتيجية بين البلدين خاصة في مجال المحروقات وسوق الغاز الدولي بحكم أن البلدين من أكبر منتجي الغاز في العالم. وتأتي زيارة الأمير إلى الجزائر لتجسيد استثمارات قطرية ضخمة بقيمة 5 ملايير دولار. وتسعى الجزائر إلى الاستفادة من الخبرة القطرية الكبيرة في تسيير الصناديق السيادية، حيث تستغل قطر الفرص المتاحة في الدول الغربية التي تعيش أزمة اقتصادية خانقة لتدخل في رأسمال أكبر وأقوى الشركات الغربية مثل شركة طوطال الفرنسية وفولسفاكن الألمانية، زيادة على استثماراتها في مجال الفنادق والبنوك، خاصة بعد ورود أنباء عن عزم الجزائر الدخول في رأس مال شركة “بيجو سيتروان" الفرنسية، ورغبتها في استثمار جزء من رصيدها من العملة الصعبة في الأسواق العالمية التي تتيح فرص استثمارية نادرة. ورغم هذا الزخم الكبير الذي تتمتع به العلاقة الاقتصادية بين الجزائر والدوحة، يسود التناقض والاختلاف في المواقف السياسية وعلى رأسها الموقف من الربيع العربي، حيث تتوجس الجزائر كثيرا من الدور القطري الكبير في الأحداث التي تشهدها عدة دول عربية، وتجسد هذا التباعد في امتناع الجزائر عن التجاوب مع كل الخطوات القطرية في جامعة الدول العربية لإسقاط نظامي سوريا وليبيا. كما تنظر الجزائر بعين الريبة إلى الدور القطري في منطقة الساحل وعلاقتها المحتملة مع بعض الجماعات المسلحة هناك، ناهيك عن رفضها فتح مكتب صحفي في الجزائر لقناة الجزيرة، الذراع الإعلامية الضاربة للإمارة الخليجية بسبب ما تعتبره الجزائر دورا مشبوها لهذه القناة في خلق البلبلة والفوضى في البلاد.