علمت “البلاد" من مصادر موثوقة أن وزير البريد وتنكولوجيات الإعلام والاتصال موسى بن حمادي، أمهل المدير العام لبريد الجزائر يوما وحدا أو يموين على أقصى تقدير للوصول إلى حل أزمة إضراب عمال المراكز البريدية وإلا سيتدخل شخصيا لحل الأزمة من خلال اتخاده إجراءات صارمة قد ترهن مصير منصب المدير العام. التطورات الجديدة تاتي رغم فشل موسى بن حمادي في إخماد نار الإضراب الذي يشل مكاتب البريد للأسبوع الثاني رغم موافقة الوزير على مطالب العمال، وأصدر بيانا أمس يعلن فيه عن موافقة مجلس الإدارة على جملة من المطالب بما في ذلك منحة 30 ألف دج السنوية التي كانت محل رفض من قبل الادارة ومع ذلك رفض عمال مراكز البريد العودة إلى مكاتبهم وفك أسر أموال ملايين الجزائريين من زبائنهم خاصة أن الإضراب تزامن مع مرحلة صب الأجور والرواتب. كما امتد الإضراب أمس إلى المديرية العامة للبريد الجزائر، حسبما علمته “البلاد"، بعدما شمل مختلف الولايات تصعيدا للاحتجاج ومطالبة الوزير الأول عبد المالك سلال بالتدخل والنظر في أوضاعهم المزرية. ولم يكشف مجلس إدارة مؤسسة بريد الجزائر المجتمع منذ يومين، عن النتائج التي توصل إليها للنظر في الإضراب ووضعية المضربين، حيث اكتفت وزارة البريد بتفويض أمينها العام لقراءة بيان قال المضربون إنه لم يتخذ أي مبادرة بل مجرد ذر للرماد في الأعين لفتح المكاتب البريدية وإن استمر الإضراب، حسب وعود الموظفين، فإن ذلك يهدد الملايين من ذوي الحسابات الجارية. ملايين الموظفين يحرمون من أجورهم وفي الوقت نفسه حرم ملايين الموظفين من أجورهم على غرار 10 آلاف عامل في قطاع العدالة الذين لن يتلقوا أجورهم بالرغم من ضخها أول أمس بسبب إغلاق كامل المكاتب البريدية فيما ينتظر ضخ أجور قطاعي الصحة والتربية. علما أن قطاع التربية وحده يوظف أزيد 600 عامل كما يتزامن الإضراب مع تاريخ ضخ إجور السلك العمومي والشرطة التي ستضخ أجورها غدا علما أن عمر زرارقة المدير العام الأسبق كان قد أقيل بسبب التأخر في صب الأجور وإن استمر الاضراب بنفس الشكل فإن عدة قطاعات ستنتفض لذلك، فيما لا يزال المدير العام محند العيد محلول في اجتماعات من دون جدوى ومن دون مفاوضات جدية مع المضربين. قرار صرف منحة المردودية يُحدث “رجة" في صفوف المضربين شعارات المطالبة برحيل المدير العام على أبواب المكاتب المغلقة في عنابة أحدث قرار صرف منحة المردودية المحددة بثلاثين ألف دينار من قبل مجلس إدارة مؤسسة بريد الجزائر لفائدة كافة المستخدمين، “رجّة" في صفوف المضربين الذين عاد بعضهم للعمل في عدة مكاتب وسط مدينة عنابة وبالمناطق الريفية، لكن الأمور عادت إلى “طبيعتها" بعد تدخل أعضاء من النقابة لشرح مطالب عمال المؤسسة ليتواصل الشلل الكلي بعد الظهيرة بانضمام “المترددين" بالولاية إلى الإضراب الوطني، لمساندة المطالب المقدمة من طرف ممثليهم، وعلى رأسها رحيل المدير العام. ورفض أمس مسؤولون بالنقابة الولائية لعمال “بريد الجزائر" في عنابة، دعوة الإدارة للتهدئة وأصروا على مواصلة حركتهم الاحتجاجية إلى غاية الاستجابة لمطالبهم التي ضمنوها مطلبي رحيل المدير العام الحالي للمؤسسة من منصبه وعزل مسؤول الفرع النقابي للمؤسسة. ونظم المضربون أمس وقفة احتجاجية حاشدة أمام مبنى البريد المركزي المحاذي لمقر ولاية عنابة دامت عدة ساعات وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث رفعوا شعارات نددوا من خلالها بما عبروا عنه ب “سياسة الإجحاف التي تمارسها الإدارة ضدهم وعلى رأسهم المدير العام محمد العيد محلول ورئيس الفرع النقابي الوطني مراد جدي". وأكد العمال المحتجون إصرارهم على مواصلة حركتهم الاحتجاجية إلى غاية استجابة الإدارة لمطالبهم المتمثلة في دفع مخلفاتهم المالية “المتراكمة منذ 2003"، إلى جانب مطالبتهم بدفع العلاوات وتقليص الحجم الساعي لأوقات العمل إلى 6 ساعات، وكذا “تصنيف العمال في الأقسام بحسب مستواهم الدراسي". وخلفت هذه الحركة الاحتجاجية استياء واسعا لدى زبائن مؤسسة بريد الجزائر لحرمانهم من تقاضي رواتبهم ومنحهم الشهرية، حيث اصطدم زبائن المؤسسة بأبواب المكاتب والوكالات البريدية مغلقة ومعلق عيها شعارات تطالب برحيل المدير العام ل«بريد الجزائر". وحسب ممثلي العمال الذين تحدثنا إليهم “ثمة عمال يملكون شهادات جامعية ويعملون في الشبابيك في نفس الوقت الذي يحظى موظفون غير جامعيين بمناصب هامة". فيما اتهموا نقابة مؤسسة بريد الجزائر بالتواطؤ مع الإدارة “التي تخلت" حسبهم عن الدفاع عن حقوق العمال ولجأت إلى تكسير الإضراب بفتح طابور الشبابيك واستئناف العمل بصفة عادية وهو الأسلوب الذي أعرب المحتجون عن رفضه، وسجلوا في هذا الصدد أنه رغم قيام بعض العمال الموالين للمدير العام بفتح شبابيك البريد بالقباضة الرئيسية، إلا أن عمليات السحب والدفع تعطلت وقدمت له الإدارة مبررا بانقطاع الشبكة، غير أن الحقيقة حسب العمال تعود لعدم قدرة مكسري الإضراب من الموالين للإدارة على استيعاب العدد الهائل من المواطنين الوافدين إلى البريد، مما خلق حالة من الفوضى والاكتظاظ انتهت بسيطرة المضربين على مشهد الاحتجاج. وأسفرت الأجواء المشحونة عن تضرر زبائن بريد الجزائر وسط الطوابير اللامتناهية في المراكز التي ضمنت الحد الأدنى من الخدمة. وحرم عدد كبير من مستخدمي الإدارات والوظيف العمومي والمتقاعدين من أجورهم، وهو ما دفعهم إلى الاشتباك والاحتجاج في مراكز البريد أو الاستنجاد بموزعات السحب الآلية التي توقف معظمها بفعل الاكتظاظ. في حين قال مصادر مطلعة إن “الادارة هي من أمرت بتوقيفها بعدما حذرت مصالح الأمن من حدوث اشتباكات بين المواطنين أمام هذه الموزعات. إلى ذلك، عبر عمال القطاعات الكبرى على مستوى الولاية عن مخاوفهم من استمرار إضراب عمال بريد الجزائر لأيام أخرى، بشكل سيحرمهم من الحصول على أجورهم الخاصة بشهر جانفي الجاري، ويتعلق الأمر خاصة بمستخدمي قطاعات التربية، الصحة، وبعض الهيئات العمومية، والمتقاعدين، الذين غالبا ما يتم صرف مرتباتهم في الفترة الممتدة بين العاشر والخامس والعشرين من كل شهر.