اجتماع مجلس الإدارة اليوم للفصل في منحة 30 ألف دينار انحرفت الحركة الاحتجاجية لأزيد من 30 ألف مستخدم بمؤسسة بريد الجزائر، عن كل ما هو متوقع، بتمسكهم بالإضراب المفتوح وغلق كل مراكز البريد في وجه الزبائن، للمطالبة برحيل المدير العام وتلبية أرضية مطالبهم المؤجلة عن سبق إصرار من خلال الوعود التي أطلقها الوزير والإدارة منذ 2003، في الوقت الذي يعقد مجلس الإدارة، اليوم، اجتماعا استثنائيا لصرف منحة المردودية. تجمع، أمس، أزيد من 300 مستخدم ببريد الجزائر أمام مقر البريد المركزي بوسط العاصمة، قدموا من مختلف الولايات، في وقفة وطنية للمطالبة برحيل المدير العام محمد العيد محلول، وسط تعزيزات أمنية مشددة. وقام مستخدمو البريد المركزي بغلق الأبواب في وجه المواطنين، الذين ظل عدد منهم يلمحهم من بعيد، وهم ''يتحسرون'' على أموالهم وودائعهم، التي ظلت محبوسة بين العمال المضربين والإدارة التي ترفض التحرك والفصل في الأمر. وألح المستخدمون المضربون، في يومهم الخامس، على ''رفض مساومة المدير العام'' الذي حصر كل حالة الانسداد والوضع المأساوي للمؤسسة في منحة المردودية التي حددت قيمتها ب30 ألف دينار، رغم ''خسارة'' المؤسسة وعدم تحقيقها لأرباح السنة الماضية، حسبه. وقال أحد المحتجين ل''الخبر'' إن ''الوضع لم يعد يطاق، خصوصا أننا نرفض أن نكون مطية لنقابة محسوبة على الإدارة، ومسؤولين يعاملوننا كأننا مجرد أثاث في مراكز البريد''. أما عامل بشباك بريد قدم من بومرداس فأوضح: ''كل القطاعات طالبت بزيادات في الأجور، لكن نحن لا نطالب بذلك مثلهم، بل نتمسك باسترجاع حقوقنا المهضومة منذ .''2003 وفي غياب أي طرف أو جهة منظمة يمكن الحديث معها، فضّل العمال الحديث جماعيا، نافين أن تكون حركتهم مدبرة أو تحريضا، حيث أفاد قابض بريد بالعاصمة: ''نحن ننتظر حقوقنا منذ أن كنا مرتبطين باتصالات الجزائر، ولم نتلق منذ تلك الفترة إلا وعودا كاذبة سواء من وزير القطاع أو المديرين الذين تعاقبوا على المؤسسة''. الأكثر من هذا، يرى المحتجون بأن ''المدير العام حصر كل اهتمامنا في منحة 30 ألف دينار الخاصة بالمردودية، ويقول إن الشركة لم تحقق أرباحا السنة الماضية، في حين أن احتساب معاملة مالية تخص الكشف عن الحسابات الجارية ل16 مليون زبون تحصيهم الشركة، بقيمة 10 دنانير، يمنحها أرباحا تقدر ب160 مليون دينار جزائري''. وينتظر أن يعقد اليوم مجلس إدارة الشركة اجتماعا استثنائيا للبت في منحة المردودية وإحصاء كل مطالب العمال ودراستها ومعالجتها حسب الإمكانيات والأولويات، بعدما تقرر تقديم اجتماع مجلس الإدارة، لتبقى الوزارة الوصية المخولة قانونا للاستجابة لمطالب العمال ودراسة ملفاتهم بسرعة. وأطلق المدير عدة تصريحات للإذاعة والتلفزيون، يلح فيها على أنه ''رغم أن الوضعية المالية لمؤسسة بريد الجزائر لسنة 2011 كانت نتائجها سلبية، إلا أنه تقرر في إطار التشاور والحوار مع الشريك الاجتماعي ونقابة مؤسسة بريد الجزائر والممثل الشرعي للعمال، صرف منحة الأرباح السنوية''. وصرح بها على وجه التخصيص بأن تكون في مستوى 30 ألف دينار. وأضاف: ''من غير الممكن صرف منحة الأرباح بالنظر إلى النتائج السلبية المسجلة في ,2011 وعليه فقد تم التفكير في تقديم منحة التشجيع تثمينا للمجهودات التي قام بها العمال طوال السنة، بعدما تم التأكيد على انعقاد اجتماع اليوم للفصل في الطلب الذي تقدمت به مؤسسة بريد الجزائر والتي ''سيتم تطبيقها حالا قبل 12 جانفي .''2013 في الجهة المقابلة، تضرر زبائن بريد الجزائر كثيرا، وضاقت بهم السبل أمام الطوابير اللامتناهية في المراكز التي ضمنت الحد الأدنى من الخدمة. وحرم عدد كبير من مستخدمي الإدارات والوظيف العمومي والمتقاعدين من أجورهم، وهو ما دفعهم إلى الاشتباك والاحتجاج في مراكز البريد، وبلغ الأمر ببعضهم حد تحطيم بوابات المراكز، كما هو الحال بالنسبة لمركز بريد شارع فرحات بوسعد بالعاصمة، واضطرت مصالح الأمن الوطني لتدعيم الحراسة في المراكز تفاديا لأي صدامات وأعمال عنف. أجواء عادية في مكاتب البريد بوهران عاشت، أمس، مكاتب البريد المتوزعة عبر ولاية وهران أجواء عادية بسبب مقاطعة مستخدمي القطاع الإضراب الذي أشرف على بلوغ أسبوعه الأول، حيث باستثناء اليوم الأول من عمر الحركة الاحتجاجية الجارية فقد التحق العمال بمناصب عملهم بشكل عادي. وحسب السيد عزوز جمال، عضو المكتب التنسيقي لولاية وهران، فإن أجواء العمل عادت إلى طبيعتها منذ التدابير العملية التي قررتها الإدارة العامة، بناء على اللائحة المطلبية التي تم تقديمها، حيث تم تخصيص منحة 30 ألف دينار التي ستصرف قبل نهاية الأسبوع الجاري لفائدة كافة العمال، فضلا عن الاتفاق على فتح المفاوضات حول النقاط العالقة الأخرى ابتداء من منتصف الشهر، مضيفا بأن ''ممثلية العمال ترفض الدخول في أي حسابات جانبية أخرى، ما دام أنها تمكنت من تحقيق الانشغالات المطروحة، كما أنها غير معنية بتنحية أي مسؤول من منصبه''، في إشارة إلى مطلب تنحية المدير العام الذي تُصر عليه الجهات المضربة. تباين في تجاوب عمال البريد مع الإضراب بالشرق تباين تجاوب عمال بريد الجزائر بشرق البلاد بين مواصلة الإضراب وبين العودة للعمل وفتح مقرات البريد أمام المواطنين، في حين استنكر زبائن المؤسسة العمومية استمرار الإضراب الذي عطل مصالحهم وتسبب للعديد منهم في أزمات مالية. تعرف مكاتب البريد ببرج بوعريريج شللا كليا، لليوم الثاني على التوالي، بعد أن انضم عمال البريد بالولاية إلى الإضراب الوطني، لمساندة المطالب المقدمة من طرف ممثليهم، وعلى رأسها رحيل المدير العام. وأكد بعض المضربين أنهم عرضة يوميا للاعتداء من طرف المواطنين في غياب الحماية، خاصة العاملات، نتيجة لانعدام الحواجز الفاصلة بين العون والزبون، ناهيك عن تقديم العشرات منهم للعدالة جراء سرقة وتزوير بطاقات التعريف الوطنية، وسرقة أوراق الصكوك البريدية من المكاتب باستغلال الطوابير وغفلة الضحايا في بعض المكاتب، ثم استعمالها في مكاتب أخرى أو حتى ولايات أخرى، ولعل ما ميز الإضراب هو تفهم المواطنين وانعدام أدنى احتجاجات في المكاتب التي زرناها، ويبقى الموزع الآلي هو الملاذ الوحيد للمواطن لسحب المبالغ المالية، ما تسبب في طوابير أمام المداخل الرئيسية لبعض المكاتب. أما في عنابة، فقد أغلقت 8 مكاتب بريدية، أمس، أبوابها أمام الزبائن، فيما حافظت القباضة الرئيسية على نظام عملها العادي، الأمر الذي خلف استياء واسعا لدى زبائن مؤسسة بريد الجزائر لحرمانهم من تقاضي رواتبهم ومنحهم الشهرية. نفس الوضع شهدته ولاية سكيكدة، حيث التحق، أمس، عمال أغلبية مكاتب بريد الجزائر بالولاية، بالإضراب الذي يشنه زملاؤهم عبر الوطن، منذ عدة أيام، حيث تفاجأ المواطنون الذين قصدوا القباضة الرئيسية، صباح أمس، لسحب أموالهم، بتوقف موظفي القباضة الرئيسية عن العمل، وهو الأمر الذي خلق حالة من القلق وسط زبائن بريد الجزائر، خاصة أن العديد من المواطنين تنقلوا من مناطق بعيدة نحو عاصمة الولاية قصد سحب أموالهم، بالنظر إلى أن بعض مكاتب البريد التحقت منذ يومين بالإضراب الوطني. وقد دفع هذا الوضع بالعديد من المواطنين إلى مباشرة البحث عن مكاتب بريد أخرى، ولو عبر ولايات مجاورة، من أجل قضاء مصالحهم في أقرب وقت. أما في قسنطينة فقد فتحت جل مكاتب البريد أبوابها وباشر عمالها مهامهم بصفة طبيعية، ما أراح مئات الزبائن الذين ظلوا مقيدين، خاصة الراغبين في سحب أموالهم، بسبب الضغط الذي شهدته الموزعات الآلية. من جهتهم، أبدى عمال القطاعات الكبرى على مستوى ولاية جيجل، مخاوفهم من استمرار إضراب عمال بريد الجزائر لأيام أخرى، بشكل سيحرمهم من الحصول على أجورهم الخاصة بشهر جانفي الجاري، ويتعلق الأمر خاصة بمستخدمي قطاعات التربية، الصحة، وبعض الهيئات العمومية، والمتقاعدين، الذين غالبا ما يتم صرف مرتباتهم في الفترة الممتدة بين العاشر والخامس والعشرين من كل شهر.