تتواصل حالة الغليان بأغلب المركبات الصناعية التابعة لمؤسسة سوناطراك على مستوى مدينة أرزيو، بسبب رفض السواد الأعظم من العمال التكيف مع الإجراءات الأمنية التي اتخذتها المديرية العام لهذه المؤسسة، في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي استهدف الموقع الغازي بمنطقة عين أمناس منذ حوالي شهر. وكشفت مصادر موثوقة لجريدة “البلاد" أن عمال حوالي 9 مركبات بالمنطقة الصناعية بأرزيو، قرروا التوقف عن العمل صبيحة يوم الأحد القادم، احتجاجا على هذه التدابير الصارمة التي عقدت من عملية التحاق العمال بمناصب عملهم، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر أخرى أن حالة من الطلاق أضحت تطبع علاقة العمال بأغلب الفروع النقابية التي رفضت تبني العديد من مطالبهم يأتي على رأسها التهديد بالاحتجاج والإضراب!! تشهد علاقة كافة الفروع النقابية بالمنطقة الصناعية بأرزيو مع أغلب العمال بمختلف المركبات البترولية تشجنا هذه الأيام على خلفية موجة الغضب الكبيرة التي يعبر عنها كل مستخدمي مؤسسة سوناطراك، احتجاجا على التدابير الأمنية التي تم اتخاذها منذ حوالي شهر، وصاحبتها تداعيات سلبية كما يؤكد ذلك فريق واسع من العمال، خاصة في الشرط المتعلق بمنع العمال من استعمال سياراتهم داخل المنطقة الصناعية بأرزيو، مع العلم أنه سبق لهؤلاء أن نظموا احتجاجين اثنين في الأسبوعين الأخيرين، لم يسهما في تجسيد المطالب التي يرفعها عمل مؤسسة سوناطراك. وقد أدى هذا الخلاف الناشب، بشكل مفاجئ، بين الفروع النقابية وبين العمال إلى بروز شبه لجان تسعى إلى انتزاع صلاحية تمثيل كافة المستخدمين وتبني مطلبهم المتمثل في تغيير أو تلطيف الإجراءات الأمنية المعمول بها في الظرف الراهن، وهي سابقة تعرفها المنطقة الصناعية بأرزيو منذ تأسيسها بداية التسعينيات، حيث رفضت أغلب النقابيين التماشي مع دعوات العمال، بالنظر إلى حساسية الموقف الذي تتحكم فيه دوائر أمنية بالدرجة الأولى، بسبب التهديدات الإرهابية الخطيرة التي أضحت تستهدف المركبات الصناعية التابعة لمؤسسات سوناطراك، وتحرج الدولة الجزائرية كثيرا، على الصعيد السياسي والاقتصادي، خاصة على المستوى الدولي. وينذر تهديد عمال المنطقة الصناعية بأرزيو بالتوقف عن العمل لمدة نصف يوم ابتداء من الأسبوع المقبل، بوضع خطير للغاية، في حال رفضت المديرية العامة لسوناطراك بالتعاطي الإيجابي مع مطالبهم، إذ من المحتمل جدا أن يشهد الوضع تطورات جديدة قد تنتهي بإعلان إضراب شامل بالمنطقة الصناعية بأرزيو. وهي الوضعية التي لا يحبذها أغلب الأطراف، بالنظر إلى تلك الانعكاسات الخطيرة التي قد يفرزها الإضراب على النشاط الصناعي لأكبر مؤسسة اقتصادية في الجزائر، خاصة أن الحكومات المتعاقبة ظلت طوال السنين الفارطة تعمل على تحييد هذه المؤسسة من موجة الانتفاضات الاجتماعية التي عرفتها قطاعات اقتصادية وخدماتية أخرى مثل الصحة والتعليم… علما أن آخر إضراب نظمه عمال المنطقة الصناعية بأرزيو يعود إلى نهاية سنة 1988، وبالضبط بمؤسسة تكرير البترول، وهو الإضراب الذي أدى إلى تدخل مباشر لقوات الجيش التي حاصرت المصنع وقتها، قبل أن تجد المشاكل طريقها إلى الحل، شهرين بعد ذلك الإضراب. سوناطراك قد تفسخ عقودها مع المؤسسات الأمنية الخاصة ألقت الوضعية الحالية التي تمر بها مركبات سوناطراك، وما وقع أيضا في الموقع الغازي بمنطقة تيقنتورين، أسئلة جوهرية حول مصير الاتفاقيات التي تربط المؤسسة المذكورة بشركات الحراسة الأمنية التي تعمل على تأمين هذه المركبات منذ أزيد من 10 سنوات، حيث تتردد إمكانية إقدام المديرية العامة لسوناطراك على فسخ كل هذه العقود وإحلال خطة أمنية جديدة، قد تتولاها بشكل مباشر وحدات أمنية تابعة لمؤسسة الجيش أو الأمن الوطني، وهو المقترح الذي يبقى محل نقاش عميق بين مختلف المسؤولين المركزيين في سوناطراك ومستويات سامية في الدولة، حيث تحولت مهمة تأمين كل المركبات البترولية المنتشرة عبر التراب الوطني إلى شغل شاغل للحكومة الجزائرية. الجدير بالذكر أن مؤسسة سوناطراك تبقى تعتمد في عملية تأمين أغلب وحداتها الصناعية، على أزيد من 60 مؤسسة خاصة، يشتغل السواد الأعظم منها، في الوحدات الصناعية المنتشرة في مناطق الجنوب، حيث توجد حقول البترول، وبدرجة أقل بشمال البلاد.