عرضت مسرحية "الثرثرة الأخيرة للماغوط"، مساء أول أمس، على منصة "قاعة الموڤار" بالعاصمة، وهو عمل من تأليف الكاتبة الروائية السورية كلاديس مطر وإخراج فائق عرقسوسي وتمثيل سهيل حداد. ويتحدث هذا العرض الذي يأتي في قالب "المونودراما" عن الحالة غير المعقولة التي أوجدها "الربيع العربي" في دول المنطقة وخصوصا سوريا. وتقول كاتبة النص "إنها مسرحية عن الوطن ومن أجله.. وليست مع أو ضد هذا أو ذاك وإنما حول موت الوطن وقيامته، حول تواريه بين أنقاض الجنون الفالت من عقاله وانبعاثه مرة أخرى من جديد من دون إيديولوجية الاقتتال والطائفية.. إنها محاكمة الماغوط، فيما لو بعث حيا، لكل ما يجري". ويضيء العمل المسرحي على جملة الهموم والهواجس والمشاكل التي يعيشها الإنسان السوري في هذه المرحلة الدقيقة وما يمكن أن يتشظى عنها لاحقا من أزمات أكثر عمقا واتساعا بفعل الإرهاب الفكري والمادي المسلط على الإنسان السوري من قبل عناصر وأدمغة بشرية مارقة وما أفضت إليه هذه الحال من سلوكيات وأفكار غريبة عن المجتمع السوري وعن ثقافة السوريين عامة. ويقول المخرج عرقسوسي إن "العمل يقدم إضاءة مسرحية لفكر الماغوط وفلسفته التي يمكن القول إنها انعكاس شفاف للوضع الراهن في سوريا، فالعرض مبني على فرضية حضور الماغوط في هذا الزمن ليصير أحد شخوص العالم الراهن إنما بروحه ورؤيته الخاصة، إذ ينظر ويحاكم ويفضح ويكشف ويتألم ويحزن مقدما عبر هذا كله آراءه وفكره الخاص بما يشابه فلسفته المعروفة عبر كتاباته الإبداعية". ويتحدث المخرج حول طريقة تناول العمل من الناحية الإخراجية، فيقول إنه تم استثمر العناصر الإخراجية الأخرى في هذا العمل بما يتواءم والمستوى النفسي للماغوط لنواحي ذكرياته وأفكاره وأحلامه والشخوص التي عبرت في حياته، خاصة زوجته الأديبة الراحلة سنية صالح. وكان لابد من استحضارها مجتمعة في العرض لتُدعم بمفردات "سينوغرافية" مدروسة كانت ذاتها بالأهمية والتأثير عينه، وشاركت الممثل المهمة ذاتها التي قام بها على الخشبة. وشكل كل متفرج جزءا حيويا من العرض بالنظر إلى خصوصية النص والتقاطع بين هموم الممثل والمتلقي على السواء؛ فهما يعيشان الواقع نفسه. من ناحية أخرى، أوضح بطل العرض الممثل سهيل حداد أن أداءه أبعد ما يكون عن التمثيل المسرحي الذي اعتاده لسنوات؛ إذ وقف في هذا العمل تحديدا على الخشبة لينقل حالة إنسانية بعفوية كاملة على مستوى الإحساس الفطري النابع من صميم معاناته كإنسان سوري يعيش الحرب العشواء التي انطلقت ضده من كل أصقاع العالم، مؤكدا أن بكاءه المرير على الخشبة كان حقيقيا هذه المرة. وقال إن العمل يلامس نبض الشارع السوري اليوم بكل زواياه واتجاهاته وأطيافه، وهذا مطلوب من كل المسرحيين والعاملين في الشأن المسرحي ليقدموا واجبهم الإبداعي في هذه الظروف الدقيقة، على حد تعبيره.