تقمص الممثل الجزائري سفيان عطية، شخصية المجنون، في مسرحية ''أكلة لحوم البشر''، لكاتبها السوري ممدوح عدوان، فجاء العمل مونودراما تتحسس مكامن الضعف في النفس البشرية، وتحاور الفرد العربي، المتحرك في جملة من المتناقضات· مهمة الإخراج تكفل بها المغربي شكيب هشام· المسرحية كتبها عدوان ضمن أربعة نصوص مسرحية (مونودراما)، هي ''حال الدنيا''، ''القيامة''، ''الزبال''، ''أكلة لحوم البشر''، الصادرة عن دار الجندي عام .1994 ناقشت عدة قضايا تتعلق بحياة الفرد، إذ استطاع مؤلف النص أن يوظف تلك القضايا بحرفية عالية، لامس خلالها تفاصيل حياة شخص شابه الجنون، حتى ضاق ذووه من تصرفاته، وقد حاول الممثل سفيان عطية، السيطرة على الشخصية الرئيسة، فتقمص عدة أدوار صور فيها حالة إنسان نهبت جسده الظروف المحيطة، واعتقد الجميع بأنه مجنون· بدا عطية مجتهدا في الأداء، وبدت معه صعوبة النص وعمقه، خاصة وأن المونودراما تتطلب من الممثل إضافة إلى حسن الأداء، الدخول التام في جلد الشخصية، ولبس القضية التي يطرحها، وهو ما لمسناه في سفيان، الذي ظهر متحدثا مجيدا للعربية الفصحى، لكنه في بعض الأحيان، بدا أصغر من الشخصية ذاتها، كما تعثر الممثل في التنقل بين شخصية وأخرى، عندما كان مطالبا بدور الأم أو الأخ أو الزوجة· كسر المخرج صرامة النص الأصلي، بإدخاله عبارات جزائرية دارجة، على شاكلة (يا حابس)، (التقرعيج)، (فور من الكبار)، إضافة إلى إيحاءات حميمة، وأوصاف كان يطلقها الرجل على النساء، بدء من زوجة أخيه وصولا إلى طالبات الثانوية· وضع شكيب ممثله في ديكور ضيق، تحدده أربعة أعمدة تضيء من حين لآخر، كرسي وطاولة صغيرة في الركن الخلفي للخشبة، وسُلَم معلقة عليه أشياء منزلية مختلفة (شفرة حلاقة، معجون حلاقة، مرآة، حوض ماء، منشفة، ···)، وأرجوحة وإضاءة خافتة ملأت المكان، فجاءت تارة دائرية تترصد تنقل الممثل، وتارة أخرى مستقيمة تحدد خط مساره· أما الميكروفون فيظهر خارج الإطار المحدد، يستعين به سفيان حينما يريد الحديث مع الاخر·