سفير تركيا في تل أبيب استدعته الخارجية الإسرائيلية التي يرأسها أحد الوزراء المتطرفين جدا احتجاجا على مسلسل تركي يصور اليهود على أنهم خاطفو أطفال وأصحاب جرائم حرب ضد الإنسانية! وسفير مصر في الجزائر الذي لم يعد للسفارة في العمارة إلى اليوم استدعته أيضا الخارجية المصرية لصاحبها أبو الغيط الذي يمارس ضرب ''الغيطة'' والبندير كأنه في يوم عيد أو عرس بسبب ماتش كورة أزّم العلاقات بين الشعبين، لحد أن أحدهم أجزم بأنه لو لا حكمة صاحب الجدار الفولاذي لكان جيش مصر الآن في ثنية النصر! ولكن الخارجية الجزائرية التي عملت لسنوات لتنظيف وجه الجزائر بمواد تنظيف هنكل الألماني وأومو الإسباني قررت استدعاء سفير أمريكا للاحتجاج على سياسة العري التي ستمارسها على المسافرين غير (العريانين) في المطارات بواسطة أجهزة السكانير التي تظهر الواحد لابسا ''من غير هدوم''. وكان الأجدر بها كما يقول عمنا وحيد (القرن) في نقطة صدام (حسين) الذي منع الأردنيون أن يمنحوا اسمه لإحدى الشوارع فيها أن تستدعي سفير مالاوي، للاحتجاج على الإهانة الكروية التي لحقت بالخضر، وجعلتهم مثل فيلم مسخرة في كل من الجزائر ومصر! وكان يفترض أيضا أن يتعامل معه على الطريقة الإسرائيلية التي وضعت للسفير التركي العربي التي ''تابوري'' ومنعت رفع العلم فوق طاولة المناقشات والاحتجاجات بالاحتجاج! فالإهانة لا نشبهها إلا بإهانة الداي حسين لسفير فرنسا الذي استفزه عمدا خلال بحث موضوع أموال القمح الذي أكله الفرنسيون، أي أجدادهم ولا يريدون أن يدفعوا ثمنه حتى اليوم.. رغم أن الدين قانونا وشرعا وعرفا لا يسقط بالتقادم! وعندما يصبح استدعاء السفراء فيما بين الدول حول مواضيع تبدو تافهة كالمسلسل التلفزي والكرة والعري، فإن ذلك يمثل نقلة نوعية في تاريخ العلاقات الدبلوماسية، أي الذيب لوماسية فالأعراف جرت عادة أن يكون استدعاء ذئاب الدبلوماسية في وقائع مادية كالخطف والقتل والاعتداءات المسلحة.. وقلما يكون في المسائل المعنوية كالدين والتاريخ والكرامة والأنفة والعزة خاصة أنها تعتبر خطوطا حمراء ولكنها تلك المسائل مع زمن العولمة (الأمريكية) التي تريد تعرية الناس باسم الإرهاب أيضا بعد أن حاربتهم قفزت إلى مواقع أمامية، مما يؤكد بأن العولمة كلما تقدمت زادت في عدد الحواجز والجدران التي تفرق ما بين الشعوب!