تعقد، اليوم، اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني أول دورة لها، منذ الإعلان عن تشكيلتها في المؤتمر التاسع الذي انعقد في التاسع عشر من شهر مارس الماضي، وينتظر الإعلان عن قائمة أعضاء المكتب السياسي وتنصيب لجنتي المالية والانضباط باعتبارهما أهم لجنتين تضبطان حركة الحزب الداخلية. بعد شهر من المشاورات التي قادها الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم، موازاة مع تحقيقات داخلية في ملفات الأعضاء الجدد للجنة المركزية. انتهت إلى تحديد تاريخ انعقادها وسط تضارب قوي في التكهنات بشأن الأسماء المطروحة لتولي مقاعد المكتب السياسي بطبعته الجديدة، حيث يرتقب أن يعلن عبد العزيز بلخادم عن التشكيلة التي استهلكت الكثير من الوقت لضبطها بشكل نهائي، خصوصا أن المسألة تتعلق بحزب جبهة التحرير الوطني الذي ينظر إليه على أنه الواجهة السياسية التي ستواصل ''حكم البلاد'' رغم وجود ''البديل'' الوطني للجبهة التي غالبا ما تتعرض لهزات داخلية تعتبر في النهاية انعكاسا لتجاذبات خارجية. وعليه ظل الإعلان عن هوية أعضاء المكتب السياسي في عرف حزب جبهة التحرير الوطني أهم من الإعلان عن تشكيلة حكومة جديدة. في هذه الآونة، لايزال الحديث ''الأمني'' يخيم على قائمة أعضاء اللجنة المركزية وسط حديث بارز عن إمكانية إقصاء بعض الأعضاء نظرا لملفهم القضائي، إضافة إلى المغالطات التي حملتها استمارات البعض منهم خصوصا الذين صنفوا أنفسهم في خانة ''دكتور دولة''. والحديث عن وجود سوابق قضائية لأعضاء في مستوى عضوية اللجنة المركزية ليس جديدا، إذ إن الأمر مطروح على مستويات عديدة تكون الجهات المعنية قد أنهت تحقيقاتها بشأنه. وإذا كان جانب الملف الأمني والقضائي الذي حققت فيه وزارة الداخلية منذ الإعلان عن التشكيلة النهائية لأعضاء اللجنة المركزية من اختصاص جهة خارجة عن مجال التغطية لقرون الاستشعار السياسي لدى الأمين العام للحزب، فإن ملف عضوية المكتب السياسي له نصيب وافر فيها باعتباره الأمين العام والرجل الأول في الحزب بعد الاستشارة الواسعة مع الرئيس الشرفي للحزب، إذ تفيد بعض المصادر بأن الأمين العام عبد العزيز بلخادم يحظى بدعم من رئيس الجمهورية الذي يبدو أن تدخله كان ضروريا لرفع الضغوط التي يكون بلخادم قد تعرض لها من أعضاء في الهيئة التنفيذية السابقة بالرغم من النتائج السلبية التي سجلوها والمشاكل الكبرى التي تسببوا فيها قبل المؤتمر وأثناءه وبعده. هذه الضغوط جاءت في وقت ازداد الحديث عن التعديل الحكومي المرتقب، حيث بدا أن هناك تخوفات قوية من أعضاء في الهيئة التنفيذية السابقة يخشون فقدان مناصبهم الوزارية موازاة مع فقدانهم عضوية المكتب السياسي، وهو ما يفسر قوة الضغوط التي اعترضت مهمة بلخادم في ضبط القائمة النهائية لأعضاء المكتب السياسي. وكان أن سربت بعض الجهات أخبارا عن تزامن الإعلان عن تشكيلة المكتب السياسي مع الإعلان عن التعديل الحكومي الذي تم تسويقه إعلاميا، حيث ساد الاعتقاد بأن الأمر سيحسم فيه بمجرد اختتام أشغال الندوة الدولية للغاز بوهران، لكن حتى هذا المسألة بدت مجرد ''تكهنات'' لكون الندوة التي لقيت ''تجاهلا'' من مستويات عليا عكست أمرا أساسيا يخص التعديل الحكومي نفسه الذي يبقى مؤجلا إلى أشهر أخرى على الأقل. وبالكشف، اليوم، عن طبيعة أعضاء المكتب السياسي، يمكن استقراء خارطة الطريق الخاصة بالمرحلة القادمة، وتكون تعهدات عبد العزيز بلخادم على المحك، فالبعض يرى أن التجديد يبدأ بالتغيير الداخلي في الحزب: تغيير المنهجية وتغيير بعض الأسماء التي تفتقد الرصيد والثقل السياسيين عندما تتحدث باسم حزب جبهة التحرير الوطني، في وقت يطرح البعض مقترحات تخص عدم ازدواجية المهام بين عضوية الحكومة وعضوية المكتب السياسي. وهنا نعود إلى تعهدات عبد العزيز بلخادم في تجديد الحزب، إذ إن المصطلح غير محدد وليس له معالم واضحة خصوصا أن تجربة الإعلان عن قائمة أعضاء المكتب السياسي بدت أصعب من كل التوقعات، فكيف سيكون مستقبل التغيير في الوقت التي تزداد فيه الضغوط من أجل موضوع المكتب السياسي؟! لكن السؤال الأكبر يتعلق أيضا برهانات حزب جبهة التحرير في المرحلة القادمة، وهل هي مرتبطة بمواعيد انتخابية، تشريعيات ربيع 2012 ومحليات خريف ,2012 أم برئاسيات ,2014 أم بتعديل جديد للدستور؟ في وقت لم نسمع عن موقف قوي للحزب من النقاش الدائر حول ملف صور ووثائق الهوية الوطنية مثلا، وملفات أخرى تخص قضايا الفساد المثارة وغيرها.