صندوق النقد الدولي الذي يسميه البعض النكد أو حتى بمناسبة الجدولة والبهدلة بالبدء بتسريح الموظفين، وهذا في إطار تقليص الأعباء الحكومية التي أصبحت تشكل كاهلا على الميزانية العامة! ولكن الحكومة أيام حكم وزيرنا الأول والأخير أحمد أويحيى ورئيسها آنذاك فهمت الإشارة بالمقلوب. فقامت بتسريح العمال أي العمال أو الكم المهمل لأنهم لا يشكلون قيمة تذكر بدل تسريح الموظفين ووصل العدد المطرود نحو نصف مليون عامل خلال ستة أشهر في مجزرة إرهابية عمالية لا ترقى إليها إلا مجزرة الرمكة وبن طلحة! ويكون عدد من هؤلاء العمال قد شمروا على سواعدهم للالتحاق بالجبال، على اعتبار أن قطع الأرزاق يساوي قطع الأعناق، وبالتالي فهو إرهاب! وعندما تمر أكثر من 15 سنة على الجدولة، ويتضخم عدد الموظفين ومعهم المسؤولين على كافة المستويات وعددهم نحو نصف مليون مسؤول وغير مسؤول (أي مسهول) فإن نفس الحكومة ومع نفس الوجوه تقريبا تعيد تكرار نفس الفعل المخل بالحياء تجاه العمال بعد أن تخلت عن نصفهم لصالح الخواص! وهكذا قامت بإفراز زيادات معتبرة بتعبير بن بوزيد للوظيف العمومي ولأسلاك الدفاع والأمن، دون أن يتبع ذلك زيادة في قطاع الانتاج والخدمات إلى حد أن هؤلاء العمال أصبحت لديهم قناعة راسخة بأن الحكومة البورجوزاية سلوكا بالمفهوم السلبي وليس فكرا بالطبع لم يعد يهمها أمر العمال بعد أن تشتت عرقهم بين النقابات وأرباب العمل. إلى الحد الذي أصبح فيه إقرار أي زيادة في أجور القطاع العمومي المنتج أو الخاص ضربا من الخيال، يحتاج لقطع ماراطون ولف ودوران، وألف سؤال لا يشبهه إلا استخراج جواز سفر في عهد زرهوني! والأخطر في الأمر أن القطاع الخاص الذي تحولت عليه الحكومة كمكمل للعمومي يكاد في بعض فروعه يتحول إلى خطر عام كبنوك عمي موح بعد أن تحول أصحابه للاستيراد والتصدير المكثف وغير المجدي ناسفين بذلك أي جهد للتنمية أو إنتاج الخيرات ليكون بديلا عن النفط والغاز الذي يقتات منه الموظفون، والمسؤولون ويبذرون ويرتعون ولا يبالون!