لا شكّ في أنّ غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، طيلة فترة جاوزت 80 يوما عن الجزائر، في رحلة علاج ونقاهة، بالعاصمة الفرنسية باريس، جمّد العديد من الملفات والقوانين واللقاءات التي يملك الرئيس وحده صلاحية مباشرتها، خاصة اجتماعات مجلس الوزراء، وبعض القوانين والمراسيم الرئاسية، إضافة للأشغال البروتوكولية التي تستلزم حضور رئيس الجمهورية. وبعد عودة الرئيس لأرض الوطن يوم أمس، طرح مراقبون إمكانية أن يكون الرئيس بوتفليقة لم يستكمل بعد فترة العلاج، ما قد يمنعه من مباشرة مهامه هذه الأيام، وقد يواصل نقاهته لأيام أخرى هنا بالعاصمة، قبل مباشرة المهام الرئاسية. ولعل أنّ أغلبية المواعيد البروتوكولية التي كان يشرف عليها، في العادة، رئيس الجمهورية قد تمّ تفريغها، البعض منها أشرف عليها الوزير الأول عبد المالك سلال، والبعض الآخر، رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني، أحمد ڤايد صالح، فبعد كأس الجمهورية الذي حلّ أياما فقط بعد تعرض الرئيس لنوبة إقفارية استلزمت نقله لمستشفى فال دوغراس بباريس، تمّ خلال الأيام الماضية، إنهاء مراسيم تخرج الدفعات العسكرية بأكاديمية شرشال، والقيام بحفل تقليد الرتب للضباط السامين، بمقر وزارة الدفاع، بمناسبة 5 جويلية، كما تمّ تمرير حفل تكريم المتفوقين في شهادة البكالوريا، باعتبار أنّ الحكومة بمقدورها انتظار عودة الرئيس بوتفليقة لمباشرة هذه المواعيد تحت إشراف الرئيس بوتفليقة بنفسه. وقد تكون خطوة تمرير هذه المواعيد قبل قدوم الرئيس، نتيجة لوجود الكثير من الملفات العالقة التي تنتظر أن يعاينها أو يشرف أو يصادق عليها بوتفليقة، خاصة تلك الملفات المحكومة بالوقت، ولا يمكن تأجيلها لمدة أطول، منها الملفات التي كان مرتقبا أن يحسم في أمرها منذ أشهر، ولكن العارض الصحي للرئيس حال دون ذلك. ومن المتوقع، أن يباشر الرئيس مهامه باجتماع موسع لمجلس الوزراء، الذي لم ينعقد منذ ما يزيد عن 8 أشهر، باعتبار أنّ الرئيس بنفسه أمر الوزير الأول عبد المالك سلال خلال الزيارة التي قام بها الأخير رفقة الفريق ڤايد صالح لمصحة "ليزانفاليد" بباريس، بتجهيز مشاريع القوانين تحسبا لانعقاد مجلس الوزراء. ومن هذه المشاريع التي تفرض نفسها حاليا لتكون في الصدارة وصاحبة الأولوية، مشروع قانون المالية التكميلي الذي ينتظر دوره لعرضه أمام مجلس الوزراء منذ أشهر، باعتباره يشكل مصدر ضغط شديد على مؤسسات الدولة، بسبب وجود محطات دستورية ليس بالمقدور تأجيلها أو تجاوزها، وكذا إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2014، الذي لا بد له أن يودع في البرلمان في الأيام الأولى لشهر أكتوبر المقبل. وباعتبار أنّ البرلمان اختتم دورته الربيعية، فإنّ قانون المالية التكميلي، سيتم تداوله على شكل أمرية رئاسية. كما أنّه من المتوقع أن يتم عرض مشروع تعديل الدستور الذي أعلن عنه الرئيس بوتفليقة قبل أشهر، لدراسته خلال اجتماع مجلس الوزراء المقبل، خاصة أنّ رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، سبق له خلال الأيام الماضية أن أكّد في تصريحات صحافية أنّ اللجنة المكلفة بإعداد مشروع التعديل الدستوري قد انتهت من عملها. و لا يستبعد أن تتم خلال الأيام المقبلة، حركة واسعة في السلك الدبلوماسي، وسلك الولاة، وسلك القضاة، حيث سبق أن أكّدت مصادر بأنّ مصالح الداخلية والخارجية تنتظر فقط "الضوء الأخضر" من طرف الرئيس بوتفليقة، كما لا يستبعد أن يقوم الرئيس بإجراء تعديل جزئي على الطاقم الحكومي الحالي.