"الأمير فهد منحنا 10 آلاف دولار لكن مكيداش حرمنا منها" "الوزير بوشامة سبب خيبة مكسيكو وهو كان المدرب الفعلي وليس سعدان" "رابح سعدان شخصية لطيفة وكان يلزمنا محي الدين خالف في 1986" "قبل وصولنا إلى المكسيك صمنا لمدة 36 ساعة" "المغتربون في المكسيك هم من طالبوا بالمنح وليس نحن" عاد نصر الدين دريد الحارس الدولي للمنتخب الوطني، في حوار شيق مع "البلاد" إلى الزمن الجميل للكرة الجزائرية، حيث تحدث بإسهاب عن حكاية المنتخب الوطني مع الشيخ "محمد الغزالي" -رحمه الله- الذي التقوه في مطار هواري بومدين قبل التنقل إلى مونديال المكسيك، كما تحدث الحارس السابق لمولودية وهران والرجاء البيضاوي بإسهاب عما حصل في كأس العالم 1986 والمشاكل الكبيرة التي عرفها المنتخب الوطني والضغوطات السياسية التي كانت تمارس عليه في تلك الطبعة بالرغم من أن التشكيلة التي كانت تشارك في هذه الأخيرة كانت الأحسن في تاريخ الكرة الجزائرية، ولم يخف دريد أن وزير الرياضة في تلك الحقبة شكل عائقا أمام الكتيبة الجزائرية خاصة بعد تعيينه لرئيس اتحادية جديد لا يفقه شيئا في كرة القدم، وهي الأمور التي زادت الطين بلة عندما تعلق الأمر بالتفاوض بين اللاعبين والجهات الرسمية حول منح المقابلات. وقال الحارس الدولي السابق إن أمير السعودية قد منح عشرة آلاف دولار في تلك الكأس للفرق العربية المشاركة وهي المغرب والجزائر والعراق، غير أن تلك المنحة لم تصل إلى اللاعبين، وهو الأمر الذي زاد الطين بلة ولم ينس الحارس الدولي السابق أيضا الحديث عن سعدان الذي اعتبر شخصيته لا تحتمل المشاكل الكبيرة التي كانت يعيشها المجموعة الجزائرية. أولا، نصر الدين دريد كيف هي الأحوال؟ الحمد لله، أشكركم على المكالمة الهاتفية وأنكم تذكرتمونا بعد أن نسينا البعض وأنا هنا لأجيب على أسئلتكم بصدر رحب. كيف يقضي الدولي الجزائري السابق يومياته الرمضانية؟ أقضيها ككل جزائري، لكن كل الوقت مخصص بالدرجة الأولى للعمل مع الجمعيات، حيث أنشأنا جمعية اسمها "مصابيح الأمل" التي تعمل كثيرا مع اليتامى وتحاول أن تنشئ رجال المستقبل في الجزائر الحبيبة، حيث يوجد مركز خاص لهذه الجمعية يسهر على كل صغيرة وكبيرة، في حين أن باقي الوقت أخصصه للبقاء مع أسرتي الصغيرة وأبنائي، دون تناسي أيضا التراويح وصلاة التهجد التي أسعى للالتزام بها في هذا الشهر الكريم والفضيل. هل أنت من الذين يؤثر فيهم كثيرا شهر رمضان؟ لا، على العكس من ذلك، فأنا من الذين يفضلون كثيرا هذا الشهر المبارك بدليل أنني أنام ثلاث ساعات فقط في اليوم ولا يؤثر علي الصيام بتاتا، في حين أنه في السهرة نعمل على برمجة دورات كروية فيها 40 فريقا من فئة الأكابر وحتى الفئات الشبانية وذلك لجلب أكبر عدد من الشباب والإحاطة به، بشكل عام أقول إن يومياتي عادية في هذا الشهر ولا تختلف كثيرا عما يقوم به الجزائريون. لقد ابتعدت كثيرا عن الوسط الرياضي الجزائري، هل لنا أن نعرف السبب؟ ببساطة أقول، إن واقع الحال في الرياضة الجزائرية بشكل عام وفي كرة القدم بشكل خاص لا يحمسني كثيرا على المضي فيه، خاصة أن البزنسة والتلاعب بكرامة من صنعوا تاريخ وأمجاد الجزائر أمر لم أحبذه، كما أن سياسة الاتحادية الجزائرية لا أجد ضالتي فيها لأنها تعمل على تشجيع الطاقات الخارجية على حساب الطاقات المحلية، وهو الأمر الذي دفعني للابتعاد عن كرة القدم الجزائرية. نعود الى المنتخب الوطني وبالذات إلى حكايات مونديال 1986 الذي كنت فيه الحارس الأول للمنتخب، بداية كيف كانت التحضيرات لهذا المونديال؟ البداية كانت صعبة في هذا المونديال وكانت على وقع المشاكل، خاصة بعد أن سحب وزير الرياضة في تلك الحقبة بوشامة رئيس الاتحادية أسعد عمر من منصبه وعين في مكانه مكيداش، وكانت المشاكل في الاجتماع الأول مع هذا الأخير حول المنح المالية، حيث أكد لنا بالحرف الواحد أنه يتوجب علينا أن نتناسى الأمور المالية والعمل على تشريف الوطن، وقال لنا بالحرف الواحد "أنتم تقبضون أكثر مني فكفاكم من التهريج" وهي الكلمة التي أفقدتنا تركيزنا وفهمنا الرسالة جيدا. لكن بشهادة الجميع الفريق الذي شارك في 1986 كان الأفضل على جميع المراحل ولكنه فشل في تحقيق أشياء كبيرة؟ صحيح، لقد أخفقا رغم الأسماء الرنانة التي كان يزخر بها المنتخب الوطني لكرة القدم في تلك الحقبة، غير أن الجميع عليه أن يعرف أن السياسة وتدخل الدولة في تلك الحقبة كان سببا رئيسا إلى جانب مشكلة المنح، وأقول إن الوزير بوشامة وبعد أمم إفريقيا 1986 في القاهرة قرر أن يبعد ثلاثة لاعبين من المنتخب على رأسهم فرڤاني وهو الأمر الذي طبقه المدرب رابح سعدان في تلك الحقبة، كما أن تعيين مكيداش في تلك الفترة على رأس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم وهو لا يفقه شيئا في الكرة ساهم كثيرا في تراجعنا، وأقول إنه لولا تلك المشاكل لكنا قد ذهبنا بعيدا، وأريد أن أضيف شيئا أيضا فيما يخص المنح المالية في المكسيك؟ تفضل. الأمير فهد منح للفرق العربية المشاركة في كأس العالم 1986 منحة عشرة آلاف سنتيم لكل من الجزائر، المغرب والعراق، حيث سلمها الأمين العام للاتحاد العربي، غير أن مكيداش رئيس الاتحادية الذي عينه بوشامة قال لنا بالحرف الواحد إن هذه المنحة ليست من حق اللاعبين بل من حق وزارة الشبيبة والرياضية، كيف لنا أن نحقق نتائج طيبة؟!. وكيف كان رد مدربكم رابح سعدان؟ لا أخفي عليك أن رابح سعدان "ابن عائلة" ولا يحب المشاكل كثيرا، وهو الأمر الذي استغله المسؤولون في الجزائر من أجل تمرير أفكارهم والضغط على المدرب، وأقول إنه في تلك الحقبة كان يلزمنا مدرب من طينة محي الدين خالف الذي يتمتع بشخصية قوية ولا تتسامح في هذه الأمور. بما أننا في شهر رمضان هل كنتم صيام في مونديال المكسيك؟ لا أخفي عليك أننا أفطرنا حوالي 19 يوما كاملا، خاصة مع الحرارة الكبيرة التي كانت في المكسيك، ولا يجب أن ينس الجميع أننا كنا نتدرب في توقيت المباراة أي الواحدة زوالا بتوقيت المكسيك ولكن هنا أريد أن أسرد عليك حكاية. تفضل. قبل أن نقلع إلى المكسيك، تنقلنا إلى فرنسا ولما وصلنا إلى المكسيك التي كانت تفوقنا بحوالي ثماني ساعات كاملة كان متبقيا لنا على الإفطار حوالي ست ساعات كاملة، حيث صمنا ما يقارب 36 ساعة كاملة بسبب الفارق الزمني. ومن رخص لكم بالإفطار في الشهر الفضيل؟ قبل التنقل إلى المكسيك للمشاركة في كأس العالم، التقينا بالشيخ "محمد الغزالي" -رحمه الله- في مطار هواري بومدين، حيث كنت أنا إلى جانب مغارية ومحمد شعيب وطلبنا منه أن يفتي لنا بجواز أن نفطر في رمضان لأننا سنشارك في كأس العالم، كما أننا أخبرناه بأن التدريبات ستكون في الحر، وقال لنا إنه يجوز لنا أن نفطر بما أننا على "حرب". وهي الفتوة التي أسعدتنا كثيرا ودفعتنا لكي نفطر حوالي 19 يوما كاملا. هل من أشياء حدثت لك في مونديال المكسيك وتتذكرها؟ حقيقة، لقد حصل معي شيء غريب وهو عندما خرجت من الفندق الذي كنا نقيم به في مقاطعة "غوادالاخارا" انقطعت الكهرباء وجاءت الرياح فخرجت بشمعة إلى الخارج وكانت المسافة بعيدة فقمت بالدعاء فلم تنطفئ الشمعة رغم الرياح، لكن في طريقي للعودة قمت بنفس الدعاء، لكن بإيمان أقل والنتيجة أن الشمعة أنطفأت قبل وصولي إلى باب الغرفة. متى وضعت حدا لمشوارك الرياضي مع "الخضر"؟ وضعت حدا لمشواري الرياضي مع المنتخب الوطني لكرة القدم بعد أمم إفريقيا 1988 في المغرب، وذلك بعد أن تدربت على يد أقوى المدربين وعلى رأسهم روغوف الذي قدم الكثير للكرة الجزائرية وأنا أشهد له بذلك. بماذا تريد أن تختم هذا الجزء؟ أقول إن ذكرياتي وحقبة الثمانينات تبقى بدون أي جدال الأحسن في الكرة الجزائرية، بدليل أن النتائج التي حققناها بقيت عالقة في الذاكرة لحد الساعة رغم سعي البعض لمحوها وطمسها. تطالعون في الجزء الثاني "كنت وراء تدريب رابح سعدان للرجاء البيضاوي" "غبت عن نهائي كأس إفريقيا للأندية البطلة أمام الحمراوة" "غياب المحترفين سبب فشلنا في التتويج ببطولة إفريقيا 1988" "هذه حكايتي مع سعدان في الرجاء البيضاوي"