ساعات قليلة قبل بداية أولى مباريات الخضر في مونديال مانديلا بمدينة بولوكواني بجنوب إفريقيا ضد المنتخب السلوفيني، جابت ''البلاد'' شوارع العاصمة لمعرفة أصداء وأجواء الشارع وطريقة تفاعله مع الحدث الكروي العالمي، خاصة أن أشبال سعدان كانوا يستعدون لخوض أولى المباريات بعد دقائق قليلة. قبل ساعة واحدة من انطلاق صافرة حكم المباراة وتحديدا في حدود الحادية عشرة والنصف صباحا، كانت معظم الشوارع مكتظة بالمارة ولا شيء يوحي بأن رفاق كريم زياني سيدخلون بعد ساعة من الآن في أولى تجربة لهم في مونديال جنوب إفريقيا. الانطلاقة كانت من البريد المركزي حيث كنا ننتظر وجود شاشات عملاقة لتمكين العاصميين من متابعة أطوار الخرجة الأولى لمحاربي الصحراء في المغامرة العالمية.. أجواء فاترة لم تكن متوقعة في موعد بهذا الحجم ومن جمهور صنع ملحمة أم درمان التشجيعية قبل الكروية. الحال قبل المباراة كان يوحي بترقب وخوف يسودان الشارع الجزائري خصوصا بعد النتائج الباهتة في المباريات الودية التي سبقت انطلاق المونديال الإفريقي. استفسار كشف سبب غياب الشاشات العملاقة عن كبريات الساحة العمومية بالعاصمة، ربما وقت إجراء المباراة كان العامل الأبرز في حرمان مناصري الخضر من لذة متابعة المباراة في أجواء جماعية، كذلك الأحوال الجوية وارتفاع درجة الحرارة وقت الظهيرة كانا سيحولان دون توفير أجواء الراحة والمتعة في حال تم نصب الشاشات العملاقة بالساحات المكشوفة. غياب الأجواء الاحتفالية بساحة البريد المركزي دفعنا إلى تغيير الوجهة هذه المرة نحو شارع العربي بن مهيدي حيث استوقفنا مجموعة من الشباب ترتدي قمصان الخضر وتحمل الراية الوطنية، لحظات قليلة التحق بهم شباب متوشحين الأبيض والأخضر والأحمر، لكن اللافت في الأمر أن بعضهم كانوا يحملون بين أيديهم أعلاما صربية، وهو ما أثار فضولنا ودفعنا للتقترب منهم لنتعرف على سر تداخل الألوان الصربية في هذا الطيف الأخضر الذي اكتسح المكان، ملامحهم أعطتنا نصف الإجابة فالسحنة الأوروبية لم تفارق بعضهم.. هم شباب قدموا من صربيا والمجر رفقة أحد الشبان المغتربين المقيمين بالعاصمة بلغراد منذ عامين، استفسرنا عن سبب قدومهم إلى الجزائر، فكانت الإجابة التي جاءت على لسان ''محمد'' الطالب في تخصص جراحة الأسنان بالجامعة الصربية، بأن هذه المجموعة شاهدت أجواء البهجة والاحتفالات في الشارع الجزائري عبر شاشات التلفزيون واليوتيوب عند تأهل محاربي الصحراء للمونديال، ففضلوا زيارة الجزائر لمشاركة أفراحها في العرس الكروي العالمي. برودة الأجواء التشجيعية فاجأت الأجانب سألنا أحد الشباب الصربي عن أجواء الهدوء التي سادت شوارع العاصمة في حين أنه جد متحمس لمشاهدة المباراة ومشاركة الجزائريين أفراحهم وهو من بادر بارتداء قميص صانع ألعاب المنتخب الوطني كريم زياني، وكان يحمل بيده الألعاب النارية التي اقتناها من إحدى المحلات وذلك استعدادا منه للاحتفال بالفوز، كما شعر بإحباط كبير نتيجة غياب شاشات عملاقة وأجواء حماسية كان يعتقد أنه سيجدها منذ الساعات الأولى لصبيحة المباراة. من جهته استغرب أيضا زميلة المجري من غياب أي أشبال سعدان تأهلوا للمونديال الإفريقي حيث قال ''لو كانت المجر المتأهلة للمونديال لما توقف المجريون عن الاحتفال ليل نهار''. ويبقى الأمر الذي أثلج صدره هي الهدية التي قدمها له أحد باعة الصور بشارع العربي بن مهيدي وهي صورة للرئيس الراحل هواري بومدين مع نظيره الرئيس تيتو. ودعنا هؤلاء المناصرين الأجانب على وقع'' وان تو ثري فيف لالجيري'' على أمل أن نلتقي في أجواء الفرحة بعد المباراة. واصلنا جولتنا بشوارع العاصمة وشاءت الصدفة أننا توقفنا أمام محل لبيع الملابس الرياضية، إذ بصاحب المحل من أقارب الوافد الجديد للخضر عدلان قديورة حيث أكد العم قديورة جمال أنه متفائل بمشوار الخضر وأنهم سيحققون نتائج إيجابية خاصة في المباراة الأولى. ويضيف محدثنا أنه حتى وإن كانت الخرجة الأولى لأشبال سعدان غير موفقة فنحن بصدد بناء منتخب للمستقبل قادر على تحقيق نتائج كبيرة في المحافل الدولية المقبلة، ولكنه متأكد من أن اللاعبين سيدافعون عن حظوظهم للظفر بتأشيرة التأهل للأدوار المقبلة. وأكد الشاب ''صديق'' وهو بائع لأقمصة المنتخب الوطني أن القميص الأكثر رواجا هو اللاعب الجديد رياض بودبوز والمتألق عدلان قديورة وهي القمصان التي حققت له أرباح معتبرة، آملا في أن يكون الوافدون الجدد بشرى خير على محاربي الصحراء. وعند مواصلتنا جولتنا الاستطلاعية جذبتنا أنغام فرقة ''طورينو'' إذ بنا داخل محل ''موسيقى خلوي''، حيث أكدت البائعتان أن الأغاني الممجدة للمنتخب عرفت ركودا في الساعات القليلة الماضية مرجعتين ذلك إلى الضغط الرهيب الذي يعيشه الشارع الجزائري، والتخوف من الظهور المحتشم للمنتخب في أولى خرجاته، ما جعلهم يتحفظون على الاحتفال قبل الأوان. شوارع العاصمة خاوية على عروشها قبل اقتراب ساعة الصفر لانطلاق مباراة منتخبنا بنظيره السلوفيني، أقدم معظم التجار على إغلق محلاتهم، وهجر المارة لشوارع العاصمة، حتى خيل إلينا وكأنه يوم راحة ويشبه لحد كبير قروب صلاة الجمعة، حيث تكون الشوارع خاوية على عروشها، هذا ما أكد لنا تشنج أعصاب المناصرين وتخوفهم من نتيجة اللقاء حيث كانوا ينتظرون الانتصار لإطلاق العنان لأجواء الفرحة والبهجة .