صنعت الفرقة السورية "تهليلة" للإنشاد والتعابير الروحية بمدينة باتنة، الفرجة على وقع الغناء الصوفي الروحاني ورقصات الدراويش. وتألقت هذه الفرقة التي تزور "عاصمة الأوراس" لأول مرة على ركح مسرح باتنة الجهوي أمام جمهور غفير من العائلات في أداء مميز راق أضفى عليه صوت المنشد فواز خوجة مسحة خاصة رحلت بالحضور إلى عوالم النفس البشرية الشفافة. وكانت فاتحة تلك السهرة التي امتزج فيها الابتهال إلى الله بحركات الدراويش المتناسقة بآيات من القرآن الكريم والصلاة على خاتم الأنبياء والمرسلين بصوت عذب تلتها وصلات متنوعة من العزف على آلتي العود والقانون بأنامل بارعة، حيث تخللتها أغان إنشادية وموشحات منها "الله تجلت قدرته" و"يا أيها النبي والكوكب الذري" و"رمضان تجلى وابتسما". وهزت الفرقة القاعة بعد ذلك بغناء جماعي "طلع البدر علينا" ثم "يا إمام المرسلين" لتختتم السهرة بموشحات مشهورة منها "أيها الساقي" و"جادك الغيث" وأيضا "يا غصن نقا". وتزور "فرقة تهليلة" الجزائر لثاني مرة، وذلك بعد مشاركتها سنة 2011 في مهرجان الإنشاد الذي احتضنته مدينة تلمسان. أما عروض هذه الفرقة التي تعد امتدادا لمؤسسها الشيخ المنشد السوري المعروف الراحل حمزة شكور؛ فهي تراثية ونابعة من ثقافة مسجد بني أمية الكبير بدمشق وتعنى بفن الموشح والإنشاد الديني ولوحات "المولوية" أو الدراويش كما تهتم بنشر المصطلحات الصوفية وتعبيرات المتصوفة من حب ووجد وبوح. وأوضح مدير الفرقة هشام الخطيب، أن "تهليلة" تنفرد عن باقي فرق الإنشاد الأخرى في الوطن العربي والعالم الإسلامي باعتمادها في إنشادها الديني على التوزيع الغنائي والصوتي، كما تعد أول فرقة تضم منشدات في المجموعة. وتظهر حاليا هذه الفرقة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 2007 بنفس ودم جديد مخالف لوجه الفرقة التي طاف بها مؤسسها حمزة شكور مختلف أرجاء العالم، حيث يؤكد الخطيب أن أغلب عناصرها اليوم شباب من خريجي المعهد العالي للموسيقى لدمشق وأيضا من أعضاء نقابة الفنانين بسوريا. وقال أيضا "حتى دوران المولوية أو الدراويش طورنا فيه وأصبح يخضع للإخراج الفني"، مضيفا "لقد قدمنا مؤخرا في مهرجان تهليلة الأول للإنشاد والتعبير الروحي بدمشق الدراويش بلباس جديد وحركات مستحدثة عن تلك الحركات التراثية المتعارف عليها ونأمل أن تقدمها بهذا الشكل في الجزائر". من ناحية أخرى، يأتي اسم "تهليلة"، حسب الخطيب، من هلال رمضان والعيد "الذي له خصوصية لدينا فنحن من خلال الفرقة التي تضم 20 درويشا و20 عازفا موسيقيا و30 منشدا نسعى إلى تقديم برامج إنشادية حديثة، لكن مع المحافظة على التراث القديم ومنها زي الدراويش ذي اللون الأبيض والطربوش وكذا الحركات الدائرية". ولم يخف المدير الفني للفرقة محمد كليم الجابي أن أعضاء الفرقة تعودوا من خلال المشاركة في مهرجان تلمسان على الجمهور الجزائري المتذوق لفن الموشحات ليؤكد أن الفرقة فضلت هذه السنة المجيء إلى الجزائر وإحياء السهرات الرمضانية ببعض المدن الجزائرية رغم وجود طلبات أخرى في دول مختلفة في نفس الوقت.