عند كل احتفال بذكرى عيد العرش في المغرب، يتجدد الجدل حول بعض الطقوس التقليدية المتوارثة، وفي مقدمتها حفل البيعة الذي يحتضنه القصر الملكي، ويقدم خلاله ممثلو مختلف السلطات والمؤسسات والاقاليم فروض الولاء للملك، في مراسيم تثير انتقاد هيئات حقوقية بوصفها مهينة ومناقضة للكرامة الانسانية. غير أن هذا الجدل اكتسى هذا العام أبعاد جديدة على إثر رفض برلماني مغربي، ينتمي إلى حزب الاستقلال - وهو المصنف على أنه محافظ وحليف للملكية- حضور حفل الولاء، وبالتالي اعتراضه على طقس الركوع أمام الملك، الذي يميز هذه المراسيم. وكان النائب الشاب عادل تشيكيطو، قد أعلن عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" أنه اتخذ صباح يوم عيد الفطر قرارا نهائيا وأقدم على تنفيذ لما حان الموعد... "فلامني البعض لأنني لم أرتد الجلباب والسلهام والطربوش المخزني الأحمر، وأضع رأسي بين الرؤوس الراكعة خمس مرات ...فكان جوابي إنما الركوع و السجود لله تعالى." وأضاف: "نعم نحب الملك.. نهتف بحياته وبحياة الشعب المغربي المجاهد... نحترمه و نقدره ونعلن التفافنا حول ما يقدم عليه من إصلاح شمل كل القطاعات، ونؤكد استعدادنا للتصدي لكل محاولة تسعى إلى المس بشخصه والموجهة من قبل خصوم قضايانا الوطنية .. لكن اعذروني فالسجود والركوع لا يكون إلا أمام رب العالمين." بالمقابل، تباينت ردود الأفعال حول موقف النائب البرلماني الاستقلالي. ويبدو أن الهيئة التي ينتمي اليها لم تنظر بعين الرضا الى هذا التصرف، إذ عقد المكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية اجتماعا تدارس تداعيات هذا الموقف الشخصي للنائب، الذي يشغل مهمة عضو المكتب التنفيذي للمنظمة، وأصدرت بيانا ذكرت فيه "أن المكتب التنفيذي للشبيبة الاستقلالية ليؤكد مجددا على تشبثه الدائم والمتين بثوابت الأمة ومقدساتها، وذلك في إطار وفائه الأبدي لمبادئ حزب الاستقلال التاريخية، التي تنهض على الدين الإسلامي الوسطي، والوحدة الوطنية والترابية، والنظام الملكي القائم على البيعة لأمير المؤمنين الملك محمد السادس، تلكم البيعة التي تعد عقدا سياسيا ودينيا، والتي يشكل حفل الولاء، مناسبة وطنية ودينية عند الشعب المغربي قاطبة لتجديدها." في المقابل، حظي النائب الاستقلالي بالتفاف واسع من لدن أطياف النسيج الجمعوي الحقوقي بالمملكة، إذ ثمن لائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان- المشكل من 22 منظمة حقوقية- موقف هذا البرلماني، "الذي رفض الانقياد والخضوع لطقوس الخنوع والاستعباد التي يتميز به ما يعرف بحفل الولاء المنظم سنويا، بمناسبة ذكرى جلوس الملك على العرش." واعتبرت الكتابة التنفيذية للائتلاف، في بيان ا: "الموقف النبيل للسيد تشيكيطو، تعزيزا لصف الرافضين والرافضات لهذه الطقوس القروسطية المتخلفة التي تذكر بعهود الاسترقاق والعبودية، الذين طالبوا بإلغائها في العديد من المناسبات، من ضمنها مبادرتي وقفة الولاء للحرية والكرامة المنظمة من طرف شباب 20 فبراير/ شباط العام الماضي والتي تعرضت لقمع عنيف، وبيان الكرامة الموقع من عشرات النشطاء والفعاليات، إضافة إلى بيانات بعض الجمعيات وتصريحات ومقالات العديد من المناضلين الحقوقيين والنشطاء السياسيين والمثقفين." وأعلن الائتلاف تضامنه المطلق مع تشيكيطو الذي عبر عن موقف نبيل وشجاع يجسد الإحساس بالكرامة وعزة النفس مؤكدا على "حقه الطبيعي والإنساني و الدستوري، غير قابل للتصرف، في التعبير عن رأيه و اتخاذ مواقفه بحرية كاملة، وفق قناعاته الشخصية." وأدان الائتلاف "كل الحملات المغرضة ضده ومحيطه وتدعو لوضع حد للاستفزازات والمضايقات التي يتعرض لها." و أشارت بعض المصادر الإعلامية في المغرب أنّ النائب البرلماني قد يخضع لمحاكمة بتهمة الاستهزاء بالملك و عدم الالتزام بالطقوس الملكية و اثارة جدل في أواسط الشعب من خلال كتاباته و منشوراته و تصريحاته الصحفية حول طقوس البيعة.