كشف عن التدخل في أنشطتها ومضايقة النقابيين انتقدت هيومن رايتس ووتش طريقة تعامل السلطات الجزائرية مع النقابات "المستقلة"، واتهمتها بممارسة مناورات إدارية لمنع النقابات المستقلة من الحصول على وضع قانوني. وجاء في التقرير الذي أعدته المنظمة حول الجزائر أن السلطات قامت بمنع المظاهرات، واعتقال نقابيين بشكل تعسفي، إضافة إلى محاكمة بعضهم بتهم جنائية. وأرجع التقرير الدافع الأساسي وراء ذلك إلى معاقبتهم على أنشطتهم النقابية. مبرزة أن السلطات قامت "بطرد عمال في القطاع العام بعد مشاركتهم في احتجاجات سلمية، وسجنت زعماء نقابيين بتهم ذات دوافع سياسية"، مما نتج عنه مناخ من الترهيب والخوف حال دون تكوين نقابات مستقلة تنشط جنبًا إلى جنب مع النقابات التي تدعمها الدولة. ودعت المنظمة السلطات الجزائرية إلى "وضع حد للقيود التي تفرضها على جهود النقابات المستقلة لتنظيم احتجاجات سلمية وإضرابات عمالية والمشاركة فيها"، حيث ورد ذكر ما قامت به قوات الأمن في 29 سبتمبر المنصرم، وإقدامها على تفريق مظاهرة أمام مقر الحكومة بالعاصمة، التي نظمتها اللجنة الوطنية لمتعاقدي ما قبل التشغيل واعتقلت 20 شخصا قبل إخلاء سبيلهم في اليوم نفسه. من جانبه، قال القائم بأعمال المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش" جو ستورك، أن الجزائر تزعم "أنها سائرة في طريق الإصلاح السياسي، لكنها أحيانًا تحيد عن ذلك وتهدد النقابات المستقلة التي تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وظروف عمل أفضل. ويجب أن لا يتعرض العمال إلى خطر الطرد أو السجن بسبب المشاركة في أنشطة نقابية سلمية". وأضاف أن أكبر منظمة نقابية في الجزائر، في إشارة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، قد لعبت دورًا "يُفتخر به في استقلال الجزائر منذ قرابة نصف قرن، وقد حان الوقت كي تسمح الجزائر ببروز نقابات أخرى أيضًا". وأشار التقرير إلى أن السلطات تمارس "مناورات إدارية لمنع النقابات المستقلة من الحصول على وضع قانوني"، حيث تقوم "أحيانًا برفض تقديم وصولات تثبت أنه تم إعلامها"، بالرغم من أن القانون الجديد المنظم للنقابات ينصّ على أن تقوم هذه "المنظمات فقط بإعلام السلطات بتأسيسها، ولا تحتاج إلى الحصول على ترخيص في ذلك". كما أن اتفاقيات منظمة العمل الدولية، التي تعد الجزائر طرف فيها، تضمن الحق في حرية تكوين الجمعيات والمفاوضة الجماعية والإضراب، إضافة إلى التزامات الجزائر تجاه اتفاقيات دولية تحمي الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع، حيث ذكرت ما قامت نقابة أساتذة التعليم العالي المتضامنين من تقديم وثائقها في 9 جانفي 2012، لكنها لم تتحصل في ذلك الوقت وإلى الآن على أي ردّ من الحكومة، وهو ما يعني أنها لا تستطيع العمل بشكل قانوني. واتهمت "هيومن رايتس ووتش" السلطات بتأويل المادة 2 من القانون رقم 90 14 التي تنص على "حق العمال والمستخدمين الذين ينتمون إلى المهنة الواحدة أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد في تكوين منظمات نقابية"، لمنع تكوين كنفديراليات واتحادات تجمع عمالا من قطاعات مختلفة، بحجة عدم تطابق النظام الأساسي للنقابات مع القانون. وذكرت أمثلة لبعض النقابات التي تعرضت لعراقيل على غرار النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية التي منعت من تكوين النقابة الوطنية المستقلة للعمال الجزائريين في 2001. وقد عبرت اللجنة عن قلقها تجاه التأخير المطول الحاصل في تسجيل النقابات وانتهاك حق العمال في تكوين منظمات من اختيارهم". وأوصت اللجنة السلطات الجزائرية بالإسراع في تسجيل هذه النقابات، لكن هذه الأخيرة مازالت لم تحصل على وصولات من الحكومة التي ما فتئت تطالبها بتغيير قوانينها الداخلية. وأجرت المنظمة لقاءات مع بعض الناشطين، حيث قال رشيد ملاوي، رئيس نقابة الإدارة العمومية، ل هيومن رايتس ووتش إن الشرطة قامت في الصباح الباكر من يوم 20 فيفري بمحاصرة دار النقابات وأغلقت الطريق المؤدية إلى قاعة الاجتماعات، وقامت الشرطة باعتقال بعض النقابيين واحتجزتهم حتى المساء، ثم أطلقت سراحهم دون أن توجه إليهم أي تهم. وذكرت تعرض أعضاء النقابات "لمضايقات قضائية واعتقالات تعسفية" بسبب أنشطتهم النقابية ومظاهراتهم المطالبة بحقوق العمال، حيث أكد العديد من النشطاء النقابيين ل "هيومن رايتس ووتش" مواجهتهم لعقوبات بسبب تنظيم إضرابات أو المشاركة فيها، بالرغم من التزامهم بالقوانين المتعلقة بالخطوات التي يجب اتباعها قبل الدعوة إلى الإضراب. ويأتي هذا التقرير، بعدما أجرت هيومن رايتس ووتش لقاءات مع 20 ناشطا نقابيا حول التكتيكات التي تستخدمها السلطات لضرب الأنشطة النقابية خلال الإضرابات والاحتجاجات السلمية، والتجمعات في الأماكن المغلقة. كما بعثت "هيومن رايتس ووتش" برسالة إلى وزيري العدل والداخلية الجزائريين والتمست منهما معلومات حول حوادث وحالات معينة يبدو أن السلطات قامت فيها بانتهاك حق النقابيين والعمال في ممارسة أنشطة نقابية سلمية. ورغم مرور حوالي خمسة أشهر، لم يقدم الوزيران أي ردّ على ذلك.