يعتبر اسم مولود حمروش من أقوى الأوراق السياسية التي يطرحها الكثير من السياسيين والمراقبين لتفاعلات الشأن السياسي قبيل الاستحقاقات الرئاسية، كونه يتمتع برصيد كبير من الحضور والقبول، ورغم تقدمه في السن فإنه قد يشكل نقطة توافق بين طرفي معادلة الحكم في الجزائر، إلا أنه يظل مرشح التوافق المشروط على خلفية التجربة التي خاضها بعد الانفتاح السياسي والاقتصادي والتي أعقبت أحداث أكتوبر 88. مولود حمروش... اسم ارتبط بالإصلاحات السياسية، كما ارتبط بحزب جبهة التحرير الوطني وبمرحلة الانفتاح السياسي والاقتصادي، إلا أن تجربة مولود حمروش في الحكم على قصرها كانت ثرية، باعتبارها منحت الطبقة السياسية رؤية جديدة للتعاطي مع الشأن السياسي والاقتصادي حمروش ابن النظام الذي تربى في كواليسه ودهاليزه، حفظ أبجديات المناورة إلا أنه لم يتمكن من استيعابها فقد غلبت الصراحة على طباعه السياسية، تدرج في الصعود إلى أن قاد أخطر حكومة في مرحلة التعددية السياسية، مرفوقا بحكيم الجزائر الراحل عبد الحميد مهري الذي منحه الغطاء الحزبي والسياسي، وتوافق معه في كل السياسات التي انتهجتها الجزائر، بل وحظي بالدعم المطلق من طرف الرئيس الشاذلي بن جديد وقتها، ما جعل قراراته قوية وذات ثقل سياسي، إلا أن تعقيدات المرحلة وعنفها ومتطلباتها كانت أقوى من قوة تلك القرارات، عندما وصلت البلاد إلى حالة الهاوية، تغيرت اللعبة وبدت سياسة حمروش من الماضي، كانت مواقفه جزء من المشهد السياسي للتيار الداعي للمصالحة الوطنية وتساوي فرص العمل السياسي وإعادة الحزب المحل للحياة السياسية أو على الأقل رموزه السياسية، خاض رئاسيتين دون أن يحظى بأي غطاء سياسي أو حزبي، وشكل نقطة استقطاب رجال السياسة والإعلام. مولود حمروش يمتلك مواصفات رجل التوافق السياسي للمرحلة الحالية، فهو يحظى بقبول الاسلاميين وجناح هام من التيار الديموقراطي، مثلما قد يمثل قناعة لدى أطراف قوية في الحكم، دون أن تخشى تلك الأطراف من أي انزلاق بمنهج الدولة الوطنية المدنية التي يعتبر مولود حمروش أحد المدافعين عنها. وحمروش رجل متفتح على كل الأطياف السياسية ويدرك جيدا حدود التحرك المسموح به حتى لا يحدث أي ارتجاج في موازين القوى، وقد يكون الحل التوافقي لطرفي الحكم والمعارضة بما يحافظ على استقرار منظومة الحكم في الجزائر. كما أنه يحظى بقبول الخارج الفرنسي والأمريكي، مثلما يمكنه أن يساعد على علاقات قوية مع المحيط العربي الليبيرالي ودول الخليج خصوصا، لكن يبقى حمروش نقطة تحفظ بالنسبة لفصيل من فصائل الحكم في الجزائر، على خلفية تعاطفه مع الإسلاميين بعدما شكل تحالفا قويا معهم طيلة العشرين سنة الماضية. فهل سيكون مولود حمروش مرشح التوافق الوطني المشروط، أم أن نضاله وخلفياته السياسية الوطنية المتشبعة بروح ثورية رغم ليبراليتها تشفع له منطق التحالفات والتوافق السياسي مع خصوم السلطة والنظام؟ كل القراءات والاحتمالات تبقى خاضعة لمنطق التنازل الذي تفرضه معطيات التفاوض، وقتها يصبح المستحيل ممكنا، مثلما عهدنا ذلك في كل المحطات الرئيسية ببلادنا.