تساءلت صحيفة ال«هافينغتون بوست" الأمريكية عن دلالات نتائج الانتخابات الرئاسية في الجزائر، والتي رأت فيها حالة شاذة عن سياق ما يعرف بالربيع العربي الذي شهدته دول عربية انتفضت شعوبها ضد حكامها، بعضها سارت في طريق العنف، فيما اختار الشعب الجزائري اللجوء الى صناديق الاقتراع وانتخاب الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة في سير واضح ضد التيار السائد في المنطقة. وفي المقال حمل عنوان "الانتخابات الرئاسية في الجزئر، هل هي نهاية الربيع العربي" الذي كتبه ريتشارد جافاد هيداريان المستشار السياسي ومؤلف كتاب "كيف أخفقت الرأسمالية في العالم العربي"، عن الخصوصية الجزائرية في هذا السياق، رأت الصحيفة أن النظر الى الوضع السياسي الاقتصادي والاجتماعي في هذا البلد النفطي الغني، وسط تحديات تتمثل في البطالة وارتباط الاقتصاد بعوائد المحروقات مع وجود نفوذ لا يستهان به لتيار الإسلام السياسي في الشارع، يضاف إليه نشاط ملحوظ للشباب الجزائري على الإنترنت وعلى الخصوص في مواقع التواصل الاجتماعي، لم تكن تختلف كثيرا عن تلك التي شهدتها الدول التي حصلت فيها اتنتفاضات مثل ليبيا وتونس ومصر. ورأى الكاتب أن أول ما يميز الحالة الجزائرية هو ضعف المعارضة السياسية في خلق قوة بإمكانها أن تخلق تحديا للنظام الحاكم، وخصوصا من حيث استعمال الطرق التقنية الحديثة في مخاطبة الجماهير لاسيما الفئات الشابة. وأما ثاني أسباب توجه الجزائر الى طريق مختلف عن باقي دول الجوار برأي الكاتب، فهو عدم وجود حالة نفسية في المجتمع الجزائري تحض الجزائريين على الانتفاضة في وجه النظام، ويدخل في تفسيرها أحداث العشرية الدموية التي مرت بها البلاد في التسعينيات التي أوصلتها الى حافة الانهيار. ومما يعزز الحالة النفسية المتوجسة من التحاق الجزائر بركب ما يعرف بالربيع العربي، حسب المقال، فهو الوضع الأمني البالغ التأزم في المحيط الإقليمي المباشر مع الصعود المتنامي لما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ومخاوف الدول الكبرى من تأزم الأوضاع في المنطقة مما جعلها تقف مع كل ما يسير في اتجاه الاستقرار، ومنها إعادة ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، الذي يشير الى حرص الدول العظمى على الشراكة الإستراتيجية مع الجزائر في المجال الأمني. وربط الكاتب بين مصير موجة ما يعرف بالربيع العربي في الجزائر مع الدول الإقليمية المجاورة للوطن العربي، من إيران التي خشي نظامها من حصول ثورة تفضي الى تغيير جذري لنظام المرشد فلجأ الى تغيير برغماتي أتاح للإصلاحي حسن روحاني تولي منصب الرئيس، فيما فشلت محاولات انتفاضة في تركيا ضد حزب الحرية والعدالة التنمية الحاكم الذي رد عليهم بقوة عبر صناديق الاقتراع. وفي الختام أكد المقال أنه رغم الفوز الكبير للرئيس بوتفليقة بعهدة رابعة والتي تعتبر مؤشرا قويا على نهاية موجة الانتفاضات في العالم العربي، إلا أن هذا لا يعني انتهاء مطالب الإصلاحات والحريات التي ستستمر لكنها ستكون في نفس الإطار السلمي الذي يدخل ضمن نفس التجربة الجزائرية الخاصة.