الوزير الأول يرفع تقريرا لرئيس الجمهورية ويلغي اجتماع مجلس الحكومة قالت مصادر وزارية مطلعة، إن الوزير الأول عبد المالك سلال ألغى اجتماعا حكوميا مقررا ليوم الأربعاء كان مخصصا لمناقشة المقترحات التي تقدم بها وزير المالية محمد جلاب المقرر تطبيقها ضمن الإجراءات التقشفية التي تفرضها الحكومة خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2015، التي سبق للوزير الإعلان عن بعضها، من ضمنها تغيير سياسة الدعم الحكومي لبعض المواد الأساسية والغذائية وبعض الخدمات، حيث قررت الحكومة اتباع نموذج جديد للتنمية الاقتصادية يعتمد على نقل البرامج القطاعية تدريجيا من التمويل المهيمن للخزينة العمومية إلى الوسط التجاري، وهي التصريحات التي أدلى بها جلاب خلال جلسة البرلمان المخصصة لعرض مشروع تسوية ميزانية 2012 منذ أيام. وقالت مصادرنا إن هذه الإجراءات أثارت حفيظة العديد من وزراء الحكومة خاصة القطاع الصناعي والفلاحي، وهي القطاعات التي يفترض أن يمسها الكثير من التقشف، حيث اعترض كل من وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب الذي أقدمت وزارته خلال الأيام الأخيرة على طرح مناقصة لاقتناء 48 سيارة لصالح وزارته على الرغم من التعليمات المتكررة لعبد المالك سلال بضرورة اعتماد سياسة صارمة حيال المصاريف المقتطعة من الاعتمادات الوزارية الممنوحة لسنة 2015، إضافة إلى اعتراض وزير الفلاحة والتنمية الريفية عن رفع الدعم من المستثمرين في قطاعه، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي أكد فيها أن أسعار المواد الفلاحية الأساسية وعلى رأسها الحليب لن تعرف ارتفاعا في الأيام المقلبة، وأن الحكومة ستستمر في سياستها الحالية لدعم هذه الشعبة الحساسة التي تشكل وارداتها إلى حد الساعة نسبة كبيرة من فاتورة الاستيراد التي وصلت خلال سنة 2014 إلى حدود 60 مليار دولار ويتوقع وصولها خلال 2015 إلى 100 مليار دولار على الرغم من المحاولات المتعددة لوزراء الحكومة التخفيف والتهوين في ماهية هذه الفاتورة التي أكدوا أنها تتشكل غالبا من التجهيزات الصناعية التي تعبر -حسبهم- عن الطابع الاقتصادي للجزائر. وتؤكد تصريحات وزير الصحة عبد المالك بوضياف المناقضة لما سبق وأكده وزير المالية محمد جلاب حول مجانية العلاج التي قال جلاب إن المواطن سيضطر لدفع ثمن هذه الخدمة في حال استمرار الأزمة المالية الناتجة عن استمرار تراجع أسعار النفط لفترة طويلة وتداعياتها المحتملة على تراجع مداخيل الجزائر التي تعتمد على المحروقات بنسبة تجاوزت 98 بالمائة، حيث يحاول بعض وزراء القطاعات الحساسة والمتعلقة كثيرا بالجبهة الاجتماعية، على غرار الصحة والسكن والتربية والتعليم العالي الإبقاء على التوازن مع الشريك الاجتماعي والمحافظة على سياسة السلام الاجتماعي المتبعة منذ عدة سنوات وهو ما يوقعهم في تناقضات عديدة مع وزارة المالية التي تحاول جاهدة خلال الأشهر الأخيرة الخروج من المأزق الذي وقعت فيه بسبب انخفاض أسعار النفط. من جهة أخرى، أكدت مصادرنا أن العلاقة المتوترة بين وزراء الحكومة وعلى رأسهم نوري وجلاب وبوشوارب تأتي كذلك في ظل اعتراض وزير المالية محمد جلاب على تأييد هؤلاء لمقترحات رجال الأعمال وأرباب العمل التي تطالب بالعودة للنظام الضريبي السابق الذي يفرض على المستثمرين نسبة 19 بالمائة كضريبة على أرباح الشركات مقابل نسبة 23 بالمائة بالنسبة إلى المستوردين، وهي النسبة التي أعلنت الحكومة توحيدها لكلا الطرفين ليعترض رجال الأعمال على ذلك ويقود الرجل الأول لمنتدى رؤساء المؤسسات على حداد مشاورات واجتماعات مع الوزراء، على غرار وزير التجارة عمارة بن يونس ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، إضافة إلى الوزير الأول عبد المالك سلال الذين أبدوا موافقة على مطالب رجال الأعمال التي يرفض وزير المالية إدماجها ضمن قانون المالية التكميلي الذي تعكف الحكومة على إعداده لسنة 2015 وهو ما جعل الوزير الأول عبد المالك سلال يلغي اجتماع مجلس الحكومة الذي كان مقررا ليوم غد ويرفع تقريرا بالمقترحات المقدمة من قبل وزير المالية لرئيس الجمهورية للبث فيها وإعطاء القرار النهائي خلال الأيام المقبلة.