تطرح الدعوة إلى نقاش عام حول عقوبة الإعدام إشكالين أساسيين، أولهما ''فلسفي حضاري'' يتعلق بمدى إمكانية طرح مسألة تشريعية تتعارض مع نص صريح ''قطعي الثبوت والدلالة'' بتعبير علماء الأصول، في مجتمع دينه الإسلام ومصدره الأول في التشريع هوالقرآن الكريم· أما المسألة الثانية فتتعلق بمسار الإصلاحات في قطاع العدالة والسجون على الخصوص، التي تحولت في السنوات الأخيرة نحو مقاربة جديدة تقوم على استبعاد ''القصاص'' واعتماد نظرية الإصلاح وتفهم ظروف الجاني، التي انجر عنها تحويل السجون إلى ''منتجعات'' من خلال مراجعة تصميمها المعماري، وتجهيزها بالمكتبات وقاعات الرياضة والألعاب ومراكز طبية لا تمتلكها حتى الخدمات الاجتماعية للشركات الوطنية الكبرى !ويتحجج أنصار هذه الدعوة بإمضاء الجزائر على اتفاقيات دولية في هذا الشأن، إضافة إلى التزاماتها في ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان·· وهي مبررات لا تبرر حجم ''التنازلات'' التي يطلبها أصحابها من الدولة والمجتمع، وإذا حدث وأن انصاعت لها الحكومة، فستمثل ''سابقة قانونية'' تفتح المجال أمام مراجعات كثيرة لمواقف ورؤى مبدئية تقوم عليها فلسفة وروح الدولة الجزائرية المنبثقة عن ميثاق أول نوفمبر · فهل تبرر الالتزامات الدولية للجزائر التراجع عن مبادئها في ما يتعلق بالأحوال الشخصية، ورعاية الأمومة والطفولة وقانون الأسرة والالتزامات الدولية المتعلقة بالتغيرات المناخية على سبيل المثال لا الحصر؟من هذا المنظور، فإن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام - وإن كانت من الناحية البيداغوجية تمثل عاملا إيجابيا في تفعيل النقاش الاجتماعي - محكوم عليها بالفشل من الناحية الإيديولوجية والفلسفية والحضارية، ناهيك عن رفضها من قبل قطاع واسع من فقهاء القانون والعلماء والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني·