"البرلمان" ينظر مشروع قانون للقضاء وسط احتجاجات للقضاة تشهد محافظات الجنوب التونسي، التي تحتوي على منشآت منجمية وبترولية، منذ بداية الثورة التونسية في جانفي 2011 تصاعد حركة احتجاجية مستمرة، إذ يطالب الأهالي بحقهم في أولوية الاستفادة من ريع الثروات الطبيعية، خصوصا أن هذه المناطق تعاني من ارتفاع نسب الفقر والبطالة. ولتجاوز هذه الأوضاع، التي أربكت الإنتاج خاصة من الفوسفات مما نجم عنه خسارة عائدات مالية هامة، أكد الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، خلال تصريح تلفزيوني، أن الحكومة ستعلن خلال هذا الأسبوع، عن قرارات هامة لإيقاف نزيف توقف الإنتاج في هذه المنشآت الهامة، والتي اعتبر السبسي أنها على علاقة بالأمن القومي التونسي. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن القرار الحكومي المرتقب سيتمثل في إعلان الجهات المنتجة للبترول والفوسفات "مناطق عسكرية" أي أنها ستوضع تحت تصرف وإشراف المؤسسة العسكرية. وفي تعليقهم على تصعيد الاحتجاجات في المناطق الجنوبية، اعتبر محللون أنه "لا بد في البداية من التأكيد على مشروعية المطالب الاجتماعية للمواطنين، وخصوصا في المناطق التي بقيت رغم كل المجهودات خارج الحركية التنموية التي شهدتها البلاد بعد الاستقلال". وأشاروا إلى أنه "لا يمكن إلا التعاطف مع نضالات النقابيين وسائر المواطنين في نضالهم السلمي من أجل حقهم في تنمية عادلة وحياة كريمة وشغل يحفظ كرامة الإنسان، إلا أن كل ذلك لا يبرر أعمال العنف والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وارتهان شركة بحجم شركة الفوسفات مثلا". وشدد المحللون على "ضرورة تطبيق القانون بكل حزم في إطار احترام الدستور ومبادئ حقوق الإنسان"، مؤكدين على أنه "لا يجوز التنازل عن هذا الدور المنوط بعهدة الدولة إذا أرادت أن تكون مهابة، وتسعى لحماية حقوق المجتمع أي حقوق المجموعة الوطنية". وتجدر الإشارة إلى أن تقارير استخباراتية كانت قد حذرت من استهداف تونس من طرف تنظيم "داعش"، مشيرة إلى تخطيط التنظيم الإرهابي لاستهداف المناطق النفطية والمنجمية. ونشرت صحيفة "الشروق" التونسية، أمس الاثنين، تقريرا نبّهت فيه إلى وجود تحذيرات غربية وإقليمية لتونس من استهداف متوقع من قبل تنظيم "داعش" لتونس في الفترة القادمة. من ناحية أخرى، تتخوف السلطات التونسية من تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من ليبيا ومالي ونيجيريا مع تحسن الطقس عبر سواحلها، حيث يصل مركب كل يومين محملا بالمئات الذين يتم إنقاذهم، لكن المشكلة تكمن في عجز الهلال الأحمر التونسي عن التكفل بهم بسبب الإمكانيات المحدودة. ورحلة البحث عن مهاجرين في محنة في عرض المتوسط مهمة يعتبرها خفر السواحل التونسية إنسانية لإنقاذ أرواح شباب دفعتهم الأوضاع الأمنية السيئة في بلدانهم إلى ركوب البحر في رحلة محفوفة بالمخاطر. وأصبح إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين القادمين من ليبيا ومالي ونيجيريا قبالة السواحل التونسية مشكلة حقيقية تواجه السلطات التونسية، حيث يصل مركب كل يومين وعلى متنه العشرات، ما يستدعي التكفل بهم رغم الإمكانيات المحدودة التي تعتمد غالبا على سخاء المواطنين. وفي شأن آخر، نظر مجلس نواب الشعب في تونس أمس، مشروع قانون أساسي يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء. وقال رئيس المجلس محمد الناصر في كلمته أمس بالجلسة "إن مناقشة مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء في غاية الأهمية ويهدف في مضمونه إلى تكريس خيار دستوري وهو استقلالية القضاء وتكريسه كسلطة مستقلة". وكان القضاة في تونس بدأوا الاثنين الماضي إضرابًا عن العمل بالمحاكم والمؤسسات القضائية كافة لمدة خمسة أيام بدعوة من جمعية القضاة التونسيين، احتجاجًا على مشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء.