اهتز العالم الإسلامي خلال الساعات الأخيرة على وقع تفجيرات دامية أودت بحياة العشرات من المصلين والسياح والمواطنين في كل من تونسوالكويت ومدينة كوباني السورية قرب الحدود مع تركيا وكذا اعتداءات في فرنسا. وقد جاءت تلك الاعتداءات في ذكرى إعلان البيعة لما يسمى الخليفة أبوبكر البغدادي في العراق والشام، ومثلما أفادت تقارير إعلامية فإن الاعتداءات خصوصا في فرنسا تزامنت مع مرور نصف عام على حادثة شارلي إيبدوالتي نشرت رسومات مسيئة للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم. وتثير هذه التفجيرات الدامية التي سبقتها أخرى في السعودية واليمن إلى اتساع نطاق "تمدد" التنظيمات المسلحة التي تسعى إلى نشر الإرهاب والترهيب على نطاق واسع، ومحاولة زعزعة استقرار الدول العربية خصوصا السعودية ودول الخليج فضلا عن ضرب مصادر الدخل في تونس التي تعتمد على السياحة. استهداف فندق سياحي في تونس وسقوط العشرات من القتلى والجرحى، يعد ضربة قوية للسياحة في هذا البلد الذي يترنح بين الاستقرار والتوتر، ومن شأن هذه التفجيرات التي هزت العالم الإسلامي يوم الجمعة أن تثير أيضا النعرات المذهبية مثلما هو الحال في الكويت، في وقت يرى الكثير من المحللين أن هذه التطورات تخدم إيران بالدرجة الأولى، إذ إن وجود طائفة شيعية تنتشر بقوة في دول الخليج من شأنه أن يشعل نار حرب داخل هذه الدول والمجتمعات على خلفية تعمد تنظيم "داعش" استهداف مصلياتهم وحسينياتهم، ما يؤدي بالتالي إلى إثارة فتن طائفية خصوصا في السعودية والكويت والبحرين. وفي فرنسا أكد حادث يوم أمس أن الأمن في عاصمة الجن مفتوح على كافة الاحتمالات خصوصا أن الدولة الفرنسية وإعلامها وساستها مازالوا يتعاملون مع المسلمين الفرنسيين بمنطق الوافدين وليس المواطنين وهو ما يؤدي إلى المحافظة على وتيرة تجنيد الشباب هناك والتحاقهم بتنظيم الدولة والعمل على تنفيذ الأوامر الصادرة من العراق والشام إلى "جنود الخلافة" مثلما سمى بيان صادر عن "ولاية نجد" التابعة لتنظيم الدولة "داعش" بارك فيه العملية الإرهابية التي نفذها أحد عناصره ضد الشيعة في الكويت. وتعكس هذه التفجيرات فشلا ذريعا لإستراتيجية مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، سواء تلك التي تبنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بالاختطاف والتعذيب والقتل خارج القوانين، في أبوغريب والفلوجة وغوانتانامو وغيرها من السجون السرية، وأنجبت قتلة محترفين يقومون اليوم بتصوير مشاهد مرعبة من عمليات تنفيذ "الحد"، كما تؤكد أن العالم بحاجة إلى فعالية أكثر في محاربة الظاهرة، وعلى مستويات عدة لإشراك المجتمعات أولا، لكن الكثير من الأوضاع المتردية في الشرق الأوسط والقمع الحاصل في مصر مثلا لمعارضين سلميين من شأنه تحويلهم إلى نماذج أكثر قساوة مما نراه لحد الآن، حيث الغرب يصمت على القمع والظلم والخطف والقتل والانقلاب على الشرعية وغيرها من المظاهر غير الديمقراطية التي يباركها.