قتلت موجة من التفجيرات الانتحارية التي نفذها متطوعون أجانب دخلوا العراق عبر سوريا ما يقرب من ألف مدني في شهر واحد واضعة البلاد على شفا حرب أهلية. معظم المفجرين يشتبه في دخولهم العراق عابرين الحدود السورية التي تقدر بخمسمائة ميل والمتاخمة للحدود التركية في ظل زعمهم بأنهم يضحون بحياتهم للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وحكومته. جُلِبَ المجاهدون الأجانب من قبل جماعة الدولة الاسلامية في العراق وجماعة أرض الشام والتي في الآونة الأخير أعلنت على صفحاتها في موقع تويتر أعلنت عن الأصول الوطنية للمفجرين. ووفقاً لدراسة أجراها بيل روجيو التي نشرت في موقع مجلة لونغ وور جرنال ذكرت الدراسة أنه من بين 26 من الانتحاريين المنتمين لجماعة بلاد الشام والذين حاربوا في المحافظة العراقية ديالى الواقعة شرق بغداد لا يقل عن 24 منهم هم مقاتلون أجانب والتي تدل أسماؤهم الحركية أن معظمهم جاؤوا من شمال إفريقيا، من بينهم عشرة من تونس وخمسة من المملكة العربية السعودية واثنان من ليبيا ومصر وواحد من كل من الدنمارك والشيشان وإيران وطاجيكستان. تهدف جماعة بلاد الشام إلى إقامة دولة إسلامية في العراقوسوريا وهي لا تعترف بالحدود بين البلدين. نفذ المفجرون الانتحاريون مهماتهم في الفترة ما بين شهر سبتمبر 2012م واليوم، ولكن خلال العام الماضي تصاعدت وتيرة التفجيرات والتي عادةً ما كانت تهدف إلى قتل أكبر عدد ممكن من الشيعة وأدت إلى مقتل 9571 مدني في العام 2013م، وإلى الآن أدت إلى مقتل 3630 مدني في هذا العام 2014م. ولأول مرة أصبحت الحكومة العراقية مدركة لماهية الدولة الأجنبية التي تحملها مسئولية دعم المجاهدين الأجانب في أراضيها. ففي مقابلة مع قناة فرنسا 24 التلفزيونية اتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بشكل مباشر كل من المملكة العربية السعودية وقطر بالمسئولية المباشرة عن الأزمة الطائفية والإرهابية والأمنية في العراق. وقال بأن المزاعم والادعاءات القائلة بأن حكومته تعمل على تهميش المجتمع العربي السني قيلت من قبل طوائف لها روابط وعلاقات بأجندات أجنبية بتحريض من السعودية وقطر. لدى جماعة أرض الشام بعض المشاكل المتعلقة بنقل مفجريها الانتحاريين من سوريا لأنها تتحكم في الكثير من الأجزاء الشمالية الشرقية من البلاد، إلا أن نقلهم عبر تركيا بأعداد كبيرة سيتطلب الموافقة السلبية من القوات التركية. تسيطر الآن الحكومة السورية على معظم حدودها مع لبنان بينما الحدود مع جيران العراق _ الأردن والسعودية والكويت وإيران _ تٌحكم تلك الدول السيطرة على حدودها بصرامة. حددت جماعة أرض الشام هوية المفجر الانتحاري الدنماركي باسمه الحركي أبو الخطاب الدانماركي، إلا أنها أخفت اسمه الحقيقي مثلما فعلت مع بقية المجاهدين الأجانب كما تم طمس معالم وجهه في الصورة. تحرص جماعة أرض الشام على الإعلان عن تمويلها كما قدم فصيلين لها معلومات تفصيلية عن متطوعيها من المفجرين الأجانب. وبشكل ملحوظ زادت هذه الجماعة من قوتها في العراق خلال العام المنصرم. ففي شهر مارس نظمت المنظمة موكباً استعراضياً من السيارات البعض منها موديل همفي العسكرية التي أخذت من القوات الأمنية في الفلوجة. في الآونة الأخيرة قامت الحكومة العراقية بإخلاء السجن المشهور المسمى بسجن أبوغريب الواقع غرب العاصمة والذي هاجمته الجماعة في الصيف الماضي محررة المئات من رجال مليشياتها. لم تشن القوات الحكومية هجوماً مضاداً لإستعادة الفلوجة على الرغم من قيام جماعة أرض الشام بتصوير فلم توثيقي لإعدام عشرين جندياً حكومياً في الفلوجة. ووفقاً لما ذكرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فقد فرّ ما يقرب من 380000 من المواطنين من محافظة الأنبار ومن المحافظات الأخرى هرباً من الإقتتال المحتدم فيها.