على عكس باقي مناطق الولاية، فإن مدينة سكيكدة خلال الشهر الفضيل لم تطبع بطابع خاص بها، بل جمعت العديد من العادات والتقاليد الخاصة بالولايات الشرقية الأخرى، ومع ذلك لم تستطع الحفاظ عليها ولا خلق تقاليد خاصة بها لوقوعها تحت تأثير حضارات غربية ولسنوات طويلة تعدت القرن، ولا غرابة في ذلك، فقد تجاوزت وقتها نسبة المستوطنين الأوروبيين لمدينة فيليب فيل ال50 %، ويظهر هذا السلوك في تفضيل معظم العائلات الخروج ليلا للتنزه بكورنيش سطورة على شاطئ البحر، ليلو وجان دارك وميرامار على التوجه لزيارة الأهل والأقارب، وما غذى هذا السلوك هي التحولات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة التي أثرت على القدرة الشرائية وبذلك عدم تحمل أعباء الزيارات، ولو أن الظاهرة في طريقها إلى التعميم على مختلف مناطق الوطن، ويتوقع مستقبلا أن يتحول مجتمعنا إلى مجتمع انفرادي بعد أن كانت حياة الجماعة هي المسيطرة، لكن هذا لا ينفي فئة ولو أنها قليلة جدا لزيارات الأقارب، خاصة النسوة اللواتي يفضلن الاجتماع على صينية الشاي أو القهوة والحلويات والتحدث في أمور كثيرة، أما الشباب فيفضل البعض منهم التوجه إلى المساجد للاستماع إلى الدروس وصلاة التراويح ولقاء الأصدقاء بالمقاهي للعب - كوتشينا - ولو لساعة من الزمن والعودة مجددا للبيت ومتابعة القنوات الفضائية، فيما يفضل آخرون قصد دور الترفيه كالمراكز الثقافية التي تبرمج مسابقات دينية وقصر الثقافة ودور الثقافة للاستمتاع بحفلات غنائية وفنية من خلال مقطوعات من المالوف، الشعبي أو الموشحات. روح التآزر تظهر في تجميع قفة رمضان بالمساجد تسعى عائلات كثيرة بسكيكدة إلى المشاركة ب - النفقة- وهي شراء عجل أو خروف وذبحه وتقسيمه على المشاركين وقد تكون - النفقة- مع الأهل أو الجيران، وترى فيها العائلات نوعا من التكافل والتضامن وأيضا اقتصادا للمال، فعوض دفع مبلغ كبير ثمنا للكيلوغرام الواحد فهو يدفع مبلغا أقل، هذه العادة تمكن من استفادة العائلات المعوزة التي يصعب عليها تناول اللحم خلال هذا الشهر لارتفاع ثمنه. من جهة أخرى، يسعى الرجال بالمساجد إلى تجميع مواد غذائية وتقديمها على شكل قفة للفقراء، ومع هبوط أسعار الماشية بمختلف أنواعها وخاصة الأبقار والأغنام فقد عرفت هذه العادة الحسنة انتشارا واسعا في أوساط قرى ومداشر الولاية. أطباق إيطالية على المائدة الرمضانية لقد اشتهرت مدينة سكيكدة منذ سنوات طويلة بإتقانها للأكل الإيطالي بحكم قربها إقليميا من إيطاليا والاحتكاك الذي كان بين السكيكديين والإيطاليين في عهد الاستعمار الفرنسي، حيث تعمد النسوة إلى إدخال أكلات إيطالية عديدة بالمائدة الرمضانية، ليصبح تقليدا تتوارثه الفتيات، كاستبدال شربة الفريك من وقت لآخر بشربة السمك التي تتكون من الأسماك البيضاء، أما العجائن التي تدخل كطبق ثان فتتنوع بين اللازانيا والكونولوني ويفضل طهيها بأنواع فواكه البحر، إلا أن هذه الأطباق لا تؤكل بكميات كبيرة ومع ذلك فإنها تزين المائدة السكيكدية، ناهيك عن البايلا التي تراجع استهلاكها بسبب غلاء الأسماك وندرتها، فمواطنو مدينة سكيكدة الذين لم يستطيعوا التخلي عن العادات الأوروبية تراهم يتهافتون كل مساء على محلات بيع البيتزا، رغم أن كل العائلات السكيكدية تتقن صنعها، فلا أحد يتصور أن يبدأ إفطاره بشربة دون بيتزا، هذه الأخيرة يشهد لها أنها من أحسن البيتزات عبر كامل التراب الوطني، ولك أن تختار أي نوع تفضل، في حين تفضل باقي المناطق الأخرى بولاية سكيكدة الاحتفاظ بالتقاليد الأمازيغية خلال شهر رمضان من أكلات وغيرها، لعدم مجاورة سكان تلك المناطق للأوروبيين، أما الحلويات التي يكثر الإقبال عليها خلال هذا الشهر الفضيل، فهي بالدرجة الأولى الزلابية، الميلفاي والحلويات الغربية، هذه الأخيرة من أهم الحلويات التي يتفوق السكيكديون في صنعها، ليبقى قلب اللوز حلوى دخيلة أخرى على المدينة ولتسجل طمينة القل تراجعا كبيرا. المسفوف يتراجع وشربة الفريك سيدة المائدة لا تزال العائلة السكيكدية تسعى للاحتفاظ بالشيء القليل من العادات كالاعتماد على شربة الفريك -الجاري- في بدء إفطارها وأيضا البوراك، فيما لم يستطع المسفوف الذي يتناول بوجبة السحور الاحتفاظ بمكانته، حيث أصبحت العائلات تفضل تحويل وجبة السحور إلى إفطار كباقي أيام السنة، الذي يتكون من كوب حليب وبعض الحلويات أو البريوش، والمؤسف أن وجبة السحور أيضا معرضة للزوال، بمجرد أن يعلن عن مقدرة الطفل بالقيام بأحد أركان الإسلام وهو الصوم حتى تعم أجواء الفرحة بيته، إذ يتم التحضير النفسي للمقبل على الصوم وترغيبه فيه بطهي أنواع الأكلات التي يحبها، علما أن الطفل قد تدرب خلال شهر رمضان الماضي على الصوم ولو لأيام قليلة ولو أن هذه العادات أيضا في طريقها إلى الزوال، ويبقى تعليم القرآن الشيء الوحيد الذي يسجل تحسنا بمدينة سكيكدة، حيث تسعى المدارس القرآنية إلى تحفيظ الأطفال لحزب أو حزبين فقط بالنسبة للذين تتراوح أعمارهم بين 6 و8 سنوات، و10 أحزاب للذين يفوقونهم سنا، توزع بعدها جوائز قيمة على الحفظة وعلى المشاركين بمختلف المسابقات الدينية.