تباينت آراء المشاركين في ندوة ''الأدب والترجمة'' التي نظمت مساء أول أمس في إطار صالون الجزائر الدولي للكتاب التي شارك فيها كل من الروائي عمارة لخوص والناقد المغربي عبد السلام الشدادي والمترجمة الدانماركية ''عواطف جون إيلي ضاحي'' والروائي محمد ساري، والناقدين ''جيستين مينتسا'' من الغابون و''فرانسوا نكيمي'' من الكاميرون، حيث وصف لخوص كل المترجمين ب''الخونة''، مؤكدا أنه لا يمكن لأي واحد منهم تحقيق ترجمة علمية دقيقة مطابقة للنص الأصلي عندما يتعلق الأمر بتحويل ذلك النص من لغته الأصلية إلى لغات أخرى. وتطرق صاحب رواية ''القاهرة الصغيرة'' إلى تجربته الشخصية في الكتابة والترجمة من العربية إلى الإيطالية والعكس، موضحا ''مشروعي في الكتابة هو تعريب الإيطالية وطلينة العربية''، ليعتبر نفسه واحدا من هؤلاء المترجمين ''الخونة'' كونه يحاول التلاعب بألفاظ الروايات بحثا عن دلالات لها أو معان شبيهة بها، مضيفا أنه يملك الحرية المطلقة في إعادة كتابة رواياته. كما أثار صاحب ''كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك''، مسألة ممارسة الترجمة داخل النصوص الأدبية من خلال تقمص شخصياتها الحقيقية باستعمال مستويين في الترجمة؛ أولهما اعتماد العامية والعربية، وثانيها بناء الشخصيات من منظور المهنة التي تمارسها. ومن جانبه، تحدث الروائي محمد ساري في مداخلته عن كوكبة من الأدباء الجزائريين وتجاربهم مع الترجمة على غرار الراحل الطاهر وطار والروائية المغتربة مليكة مقدم وياسمينة خضرة وآخرين تميزت كتاباتهم بنقل وقائع حقيقية وصعوبة ترجمتها لاحتوائها على حكم وأمثال شعبية ومفردات متعارف عليها في المجتمع العربي والجزائري على وجه الخصوص قد تكون من أجل الشتم أو المدح أو النعت أو لأغراض أخرى؛ مما يصعب عملية الترجمة من وإلى لغات أخرى. وفي السياق ذاته، استعرضت الرئيسة الشرفية لاتحاد الكتاب الغابونيين ''جيستين مينتسا''؛ واقع الترجمة في بلدها وصعوبة التواصل بسبب تعدد اللغات هناك البالغ عددها أكثر من 50 لغة، وكيف أنها تأخذ الترجمة من زاويتين تقوم الأولى على نقل ثقافة النص وصاحبه والثانية تتعلق بمسألة البلاغة أو عنصر التشويق والإمتاع، مضيفة أنها تعتبر الترجمة محاولة تقريب نظامين مختلفين. وهنا أوضحت المتحدثة أنه على المترجم نسيان نفسه والتجرد من شخصيته وتقمص شخصيات الرواية ويحل محل الكاتب، مضيفة أنه لا يمكن لأي أحد ترجمة نص لكاتب ما دون أن يكون معجبا بأعماله، وعلى المترجم امتلاك حرية التحرك داخل الترجمة ''اتركوا المترجم يكن خائنا ولو قليلا''، على حد تعبيرها. من ناحية أخرى، طرح الناشر والكاتب الكاميروني ''فرانسوا نكيمي'' جملة من المشاكل في إفريقيا التي تتعلق بمجموع اللغات المستعملة وعدم توفر وسائل الترجمة هناك، وأن الكتاب ينقسمون إلى قسمين في الكاميرون؛ فمن يكتب بالفرنسية يتجه نحو باريس ومن يكتب بالإنجليزية يقصد إنجلترا. وفي ذات الإطار، لخصت المترجمة الدانماركية ''عواطف جون إيلي ضاحي'' واقع الترجمة في الدانمارك، مؤكدة أن الأدب الجزائري المترجم هناك ضئيل جدا ولا يتجاوز 1500 نسخة سنويا، وأن ''المفارقة العجيبة'' التي حدثت، تعلقت برواية ''عمارة يعقوبيان'' للروائي المصري علاء الأسواني التي حققت مبيعات مهمة بالدانمارك قدرت ب 60 ألف نسخة لسهولة أسلوبها، تقول ''عواطف'' وصورها الواضحة عن البيئة المصرية؛ مما سهل ترجمتها دون أن تفقد من معانيها الشئ الكثير، مضيفة أنه لا يمكن إيجاد سبب لهذه القلة في الروايات العربية المترجمة إلى الدانماركية أمام التحفظ الثقافي الذي أصاب كتاب المجتمع الدانماركي، على حد تعبيرها.