- السائح: مشروعي الأدبي يهتم بما هو تاريخي وسياسي يمس واقع الجزائر يعود الكاتب الجزائري الحبيب السائح برواية ينتظر أن تثير جدلا وتفتح نقاشات تاريخية كثيرة، وهي بعنوان "كولونيل الزبربر" وتصدر عن "دار الساقي" اللبنانية. وتتمحور فصول أحداثها حسب الروائي، حول فترة معينة من تاريخ ثورة التحرير، وفيها يقتربُ المؤلف من الثورة بشكل أوسع ويكشف عن الكثير من التفاصيل المسكوت عنها آنذاك، والتي أظهرها التسلسل السردي بالرواية على أنها مزالت فعلا محل جدل بين الفاعلين فيها والشاهدين عليها. ويبقى الروائي في هذا العمل وفيا لمُناخ رواياته، حيث يقحم فضاء الصحراء بروايته التي تتناول قصة الانكسار الذي بدأت بوادره مباشرة بعد استرجاع الاستقلال والذي ضل مُستمرا إلى الآن، ومن خلال التداخل الروائي بين وقائع الثورة التحريرية الجزائرية وأحداث "المحنة الوطنية" في تسعينيات القرن الماضي، وانطلاقا من المكان نفسه الذي شهد الحدثين الكبيرين في تاريخ الجزائر المعاصر، نجد بطلة الرواية "الطاوس"، الطبيبة المقيمة بالصحراء مع زوجها، تغوص في حياة جدها "مولاي الحضري"، تسترجعها وتفتح تلابيب الذاكرة عليها وعلى أحداث تتالت خلال فترة حساسة وحاسمة من التاريخ بآن واحد والتي تركزت بعد مغادرة جدها الجُندية والسياسة، عقب استرجاع الاستقلال، احتجاجا على إعدام أصغر ضابط برتبة عقيد في صفوف جيش التحرير بتهمة الخيانة والانفصالية، فيترك لابنه جلال الحضري، المكنّى "كولونيل الزبربر"، دفترا قام بتدوين جميع يومياته عليه، ويسرد فيه شراسة الحرب وفظاعة الموت ومشاهد التعذيب والإعدامات بالسلاح الأبيض وحتى التصفيات الفردية والجماعية، والكثير من الوقائع داخل الجزائر العاصمة. وهذا الدفتر أو اليوميات قام والدها بتسليمها إياه قبل وفاته في المستشفى العسكري، مُرفقة بشهادة من طبيب جزائري متزوج بفرنسية، يعالج جرحى جنود جيش التحرير سريا، يسرد فيها وقائع من الحرب إضافة إلى الأعمال الإرهابية للمنظمة المسلحة السرية، المعروفة بOAS، والتي اغتالت المدنيين وفجّرت المقرات وأحرقت المكتبة المركزية، قبل التحاقه نهائيا بجيش التحرير في "جبال الزبزبر". وبالنهاية؛ فالرواية وعلى مدى أحداثها، تحكي يوميات كولونيل الزبربر "نسبة إلى جبال الزبربر أحد معاقل جيش التحرير خلال الحرب الذي يتحول في 1992 إلى أهم موقع للجماعات الإرهابية"، بداية من مرحلة طفولته مرورا بمدرسة أشبال الثورة ومن التحاقه بأكاديمية شرشال لمختلف الأسلحة، وصولا إلى إقحامه في ميدان العمليات ليكون أول ضابط يشكل فصيلة متخصصة في مواجهة الجماعات المسلحة، وانتهاء بإحالته على التقاعد ليشرع بعدها في كتابة مذكراته، تحت أجواء مُحزنة ومعزولة أكثر من اللازم، لفقده ابنه ياسين، الذي كان ضابطا بصفوف الأمن والذي يُقتل في محاولة لتحرير رهائن من قبضة جماعة مسلحة. وعن روايته الجديدة وتيارها الأدبي يقول السائح "تيارها الأدبي يندرجُ ضمن مشروعي السردي، من حيث التيمة ذات الصلة بما هو أنتروبولوجي وتاريخي وأخلاقي وسياسي أيضا يمس واقع الجزائر وخصوصيته ومن حيث البناء في توسيع زاوية الرؤية إلى فعل الكتابة الروائية باعتباره مسؤولية توجب الإضافة الجمالية إلى المنجز الجزائري والعربي والإنساني. من هنا هاجسي تجاه البناء: إني أكتب ضد كتابتي، حتى لا يتناص نصي الجديد مع سابقه. وفي هذا المشقة كلها، ولكن المتعة أيضا".