تصدر قريبا عن دار “الساقي” في بيروت رواية جديدة للكاتب الحبيب السايح بعنوان “كولونيل الزبربر”. ويسعى الكاتب، من خلال هذا العمل الروائي، إلى تناول جوانب من المسكوت عنه خلال حرب التحرير. تتمحور رواية “كولونيل الزبربر” حول شخصية طاوس الحضري، وهي امرأة في الرابعة والثلاثين من العمر، تعمل كطبيبة متخصصة في طب الأطفال، مقيمة في الصحراء مع زوجها منذ ستة أعوام، تستعيد تفاصيل حياة جدها مولاي الحضري المكنى “بوزڤزة” والضابط السابق في صفوف جيش التحرير الوطني الجزائري خلال حرب التحرير (19541962)، الذي يغادر الجندية والسياسة، عقب الاستقلال، احتجاجا على إعدام حكومة الاستقلال أصغر ضابط برتبة عقيد في صفوف جيش التحرير والجيش الوطني الشعبي في 1964 بتهمة الخيانة والانفصالية. ويترك الجد لنجله (والد طاوس) جلال الحضري، المكنى “كولونيل الزبربر”، كراسة كان سجل فيها، خلال الثورة، يومياته المطبوعة بشراسة الحرب وفظاعة الموت ومشاهد التعذيب في كلا المعسكرين والإعدامات بالسلاح الأبيض لعناصر “الحرْكى” خاصة والتصفيات الفردية التي طالت الجنود والضباط أنفسهم بتهم مختلفة وتعدت إلى طلبة الجامعة الملتحقين بصفوف جبهة التحرير بدعوى أنهم مندسون، وكذا التصفيات الجماعية بتهمة الموالاة للعدو، سلمها إياه قبل وفاته في المستشفى العسكري، مرفقة بشهادة من طبيب جزائري متزوج بفرنسية، يعالج جرحى جنود جيش التحرير سريا، يسرد فيها وقائع من الحرب داخل الجزائر العاصمة والأعمال الإرهابية للمنظمة المسلحة السرية، المعروفة بمنظمة الجيش السري (أو. آ. آس)، التي اغتالت المدنيين وفجّرت المقرات وأحرقت مكتبة الجامعة المركزية، قبل التحاقه نهائيا بجيش التحرير في جبال الزبزبر. وتعد الرواية بمثابة يوميات بطل الرواية منذ طفولته، مرورا بمدرسة أشبال الثورة، فالتحاقه بأكاديمية شرشال لمختلف الأسلحة، وصولا إلى ضخه في الميدان العملياتي ليكون أول ضابط يشكل فصيلة متخصصة في مواجهة الجماعات المسلحة بين 1992 و2012، وانتهاء بإحالته على التقاعد ليشرع في كتابة مذكراته بوقع الحزن والفجيعة والعزلة لفقده ابنه ياسين، الضابط في صفوف الأمن والذي يُقتل في محاولة لتحرير رهائن من قبضة جماعة مسلحة، وبعده لفقده زوجته باية. لعل رواية “كولونيل الزبربر” تكون أول نص جزائري يتجرأ على المسكوت عنه وعلى المحظور في حرب التحرير وما ترتب عنها بعد الاستقلال.