فجّر وزير الصناعة، الأزمة التي ظلت تدار في صمت بين رجل الأعمال الجزائري اسعد ربراب والحكومة، كون القضية بدأت تأخذ منحى سياسيا على خلفية المواقف "غير الإيجابية" لربراب من السلطة وانتقاده العلني لسياسة التعامل معه في كثير من المناسبات. لكن شجرة العلاقات بين ربراب والسلطة تخفي غابة من المصالح التي يديرها صاحب أكبر إمبراطورية تجارية في الجزائر يبلغ رقم أعمالها السنوي 2.6 ملايير يورو سنويا، وتشير بعض المعلومات إلى أن دوائر السلطة السياسية بدأت تتخوف من "مركزية" السكر والزيت بيد شخص بعيد عن مربعها السياسي والمالي، وتذهب ذات المصادر إلى التوضيح بأن الأزمة التي أطلت مؤخرا في سوق السكر كانت رسالة قرأتها السلطة على أنها خطيرة للغاية وتحمل عدة قراءات بدأت انعكاساتها تظهر جليا لدى رجل الأعمال الذي يسيطر على تجارة واستيراد السكر والزيت والكثير من المواد في الجزائر بواسطة مجمع "سيفيتال" والوكيل الحصري لسيارات "هيونداي" والعلامة التجارية "سامسونغ"، فضلا عن إدارته ل 12 ألف عامل وموظف بحجم عمال قطاع وزاري في بلادنا. ربراب فهم الرد على رسالته وقد فند سريعا وجود أزمة أرجعها إلى الوضع في ليبيا وتونس الذي يؤثر بشكل مباشر على حالة السوق في شرق البلاد، لكن مصادر تحدثت عن تأخر وصول سفن السكر أو "تأخير" وصولها مما يمنح لربراب فرصة إظهار براعته في اللعب مع خصومه الاقتصاديين، فهو لا يحمل خلافات سياسية مع السلطة لكنه قد يمثل لونا من ألوان الاصطفاف التي تثير غضب القائمين على تسيير أوضاع البلاد. وتفجر قضية شراء المجمع الفرنسي "فاغور براند" التي تحدث عنها وزير الصناعة الأزمة الصامتة التي ظلت تُدار بين ربراب والحكومة بعيدا عن الرأي العام، لكن وزير الصناعة وهو المقرب من الدائرة الرئاسية في الجزائر قال كلاما خطيرا يؤكد أن القضية لن تتوقف عند حدود التصريحات لأن الملف جاهز هذه المرة بالأدلة والبراهين، وإن صحت تصريحات الوزير فإن تورط رجل الأعمال اسعد ربراب في قضية تدينه بشكل مباشر وتمس سمعته المالية في السوق الوطنية والفرنسية وحتى الدولية، كونه حسب تصريح الوزير متهم بالتزوير والتصريح الكاذب والغش وتهريب العملة، وهي كلها اتهامات قد تحول ربراب إلى "خليفة بيس" أو "ميني خليفة" أمام المحاكم، وسيكون على مصالح الضرائب والجمارك والتجارة والجودة وقمع الغش المطالبة بحقوقهم أمام القضاء وهذا يعني سيناريو أكثر سوءا مما نتصور. ربرارب حسب الوزير بوشوارب يكون قد حول عتادا قديما للجزائر بالتزوير ووضع العتاد الجديد في مصنعه بفرنسا، مشيرا إلى أنه قام بعملية التزوير والغش لينقل "خردة" فرنسية في مصنعه ببرج بوعريريج. وصرح وزير الصناعة بأن ملفات تلاعبات اسعد ربراب كاملة ومرفقة بالأدلة، وأن ربراب صرح أنه جديد وقيمته أكثر من 5 ملايين أورو، بينما قيمته الحقيقية لا تتجاوز 2.5 ملايين يورو. ربراب سبق له أن وضع الحكومة في موقف حرج، عندما تحدث في 15 فيفري الماضي خلال منتدى "فكرة" الذي احتضنه فندق الأوراسي عن استقرار أسعار السكر والزيت، مضيفا أنه سيتجه للحكومة لمزيد من الدعم إن ارتفعت الأسعار في السوق الدولية، لكن ما أثار أعصاب السلطة هو انتقاده لجوء الحكومة إلى الغاز الصخري وهو الملف الذي كان محل توتر كبير في جنوب البلاد، واعتبر موقف ربراب كأول معارضة من رجل أعمال قوي للحكومة في هذا المجال، بعدها توالت الأحداث ليوافق المجلس الوطني للاستثمار على مشروع خاص بإنتاج مادة السكر في جوان 2015، ويتعلق الأمر بمجمّع معزوز والمتمثّل في إنشاء وحدة لتكرير السكر باستثمار ب13,9 ملايير دج، وخلال عرضه لكتاب حول سيرته وتجربته الذاتية في 20 جانفي 2012، قال ربراب إن "حكوماتنا لا تحب الإلكترونات الحرة" في إشارة إلى مشاريعه المجمدة أو المرفوضة كمجمع كاب جنات، مجمع بيترو- كيماوي، مجمع لصناعة الحاويات، السيارات، والمركبات البحرية، كما أن السلطة ومنذ ثورة الزيت والسكر تسعى إلى تجنب وضع كل الاحتكارات بيد شخص واحد دون غيره من باقي رجال الأعمال، خصوصا أنها تملك أرمادة من الموالين لها الذين يتمتعون بقدرة كبيرة على خوض مغامرة الاستثمار في هذا المجال. بالنهاية يسعى ربراب دوما لكسب الحرب وإن خسر معركة.