يبدو أن الإنحطاط في الخطاب والجنوح إلى استخدام العبارات النابية والمقللة من احترام الآخرين الذي يميز الساحة السياسية اليوم، انتقلت عدواه إلى رجال المال والأعمال الذين باتوا يترجمون خلافاتهم وتضارب مصالحهم الشخصية عبر توجيه سيل الاتهامات والتهديدات إلى بعضهم البعض وتسجيل حضورهم في وسائل الإعلام لنشر غسيل الطرف الآخر دون الارتقاء إلى مستوى التحديات الاقتصادية التي تواجه الجزائر في مرحلة صعبه من تاريخها المعاصر يتحتم عليها فيه أن تنوع نسيجها الاقتصادي لمواجهة التآكل السريع لمواردها المالية. ويطفو إلى السطح في الآونة الأخيرة صراع بين أبرز منظمتين للباترونا في الجزائر، منتدى رؤساء المؤسسات (الأفسيو) بزعامة علي حداد من جهة والكونفيدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية بزعامة حبيب يوسفي من جهة أخرى، حيث نظمت الأخيرة ندوة صحفية أمس ألقت فيها وابلا من الانتقادات على غريمتها (الأفسيو)، واتهم يوسفي، علي حداد، ب«التدخل في عمل الحكومة إلى حد توجيه الأوامر لبعض الوزراء" و«تحصيل ثروته من مصادر مشبوهة"، بعد أن "تحصل طيلة الأعوام الماضية على صفقات مشكوك فيها"، على حد وصف يوسفي. وفي المجمل حمل حبيب يوسفي، حداد، مسؤولية تراجع دور منظمات الباترونا الأخرى، حيث يحظى حداد بمعاملة تفاضلية حسبه وتساءل رئيس الكونفيدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية عما قدمه حداد منذ وصوله إلى رئاسة المنظمة التي تتضمن أكبر قدر من رجال الأعمال في الجزائر، قبل أن يجيب نفسه، لاشيء، متحديا الرجل الأول في "الأفسيو" بقبول عقد مناظرة تلفزيونية وجها لوجه. من جهتها ذهبت سعيدة نغزة، رئيسة مجمع "سورالكوف" ونائبة رئيس الكونفيديرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، إلى اتهام "الأفسيو" بمحاولة الانقلاب على كونفيدراليتها واستبعادها من الاتحاد المتوسطي لرجال الأعمال "اورو ماد إينفيست"، وزعمت نغزة أن حداد راسل هذه المنظمة الدولية من أجل "الاستيلاء على مقعد الكونفيديرالية العامة للمؤسسات الجزائرية التي تمثل الجزائر داخل المنظمة". وذهبت نغزة أبعد من ذلك حينما اتهمت أعضاء من (الأفسيو) بمحاولة شرائها والتقرب إليها بالمشاريع من أجل مقعد في هذه المنظمة التي تجمع أبرز المنظمات الباترونية في الحوض المتوسط وأنها حين رفضت تلقت تهديدات من الجهات نفسها. في المقابل، نفى منتدى رؤساء المؤسسات جملة وتفصيلا، الاتهامات التي طالته وتعمد نشر الرسالة التي وجهتها المنظمة إلى الاتحاد المتوسطي لرجال الأعمال "اورو ماد إينفيست" وتظهر الرسالة التي تملك "البلاد" نسخة منها، أن (الافسيو) قدم شكوى إلى الهيئة المذكورة ضد سعيدة نغزة بعد أن أدلت بتصريحات لقناة خاصة باعتبارها نائبة الاتحاد المتوسطي لرجال الأعمال ولم يطالب بأي مقعد تمثيلي في هذه الهيئة. واشتعل الصراع بين هاتين المنظمتين لأرباب العمل بعد زيارة لوفد من الباترونا رفقة الوزير الأول إلى الصين، حيث اتهمت سعيدة نغزة، حداد، بالإدلاء بتصريحات مهينة للمرأة الجزائرية ورد حداد عليها بالتكذيب القاطع.