* الحرب الحقيقة مع الاستعمار بدأت في 1959 * هكذا حاول ديغول القضاء على الثورة عبر الجنرال "COMPRESSEURE" * تفاوض العقيد سي صالح زعموم مع ديغول لم يكن خيانة، وإنما اجتهادا * ديغول خدع آلاف الجزائريين فخرجوا يحملون شعار "الجزائر جزائرية" ويهتفون بحياته * مظاهرات 11 ديسمبر 1960 لم تكن عفوية.. وهذه هي التفاصيل المجهولة * "قيادات الخارج سمحوا في ثورة نوفمبر" * لم نكن نعرف شيئا عن مفاوضات إيفيان.. والتفاصيل كنّا نسمعها عبر الإذاعة الفرنسية * لم نكن نثق في حكومة عبد الرحمن فارس .. وحاربنا جنودها * جنود الولاية الرابعة لم يكونوا من جماعة 19 مارس * هكذا أصبح جيش الولاية الرابعة الأقوى قبيل الاستقلال في الحلقة الثالثة من شهادته التاريخية عبر برنامج "صنعوا الحدث"، الذي يعده ويقدمه الإعلامي أنس جمعة على قناة البلاد، واصل العقيد يوسف الخطيب، قائد الولاية الرابعة التاريخية سرد تفاصيل المرحلة التي تلت سنة 1958 إلى غاية نهايات 1961 من تاريخ ثورة التحرير الوطني. واعتبر العقيد يوسف الخطيب أنّ سنة 1959 كانت سنة الحرب الحقيقية بين جيش التحرير الوطني وجيش الجنرال شارل ديغول، الذي أوفد إلى الجزائر الجنرال شال ماسيولتطبيق مخططه الذي سمي آنذاك ب "مخطط شال" وقد طلب الجنرال شال من الجنرال ديغول الإمكانيات لمسح الولايات وتطهيرها، بداية من الغرب الجزائري، ودامت هذه العملية ثلاثة أشهر في الولاية الرابعة وحدها، وقد استعان الفرنسيون بقوات خاصة وصل تعدادها إلى 50 ألف جندي لإنجاح هذا المخطط. وأضاف أنّ معارك واشتباكات عسكرية قوية دارت خلال هذه الفترة بين جنود الولاية الرابعة وجنود الجنرال الذي كان يُلقب آنذاك ب "COMPRESSEURE"، وقد كلّف ذلك الولاية الرابعة، خسائر بشرية ومادية كبيرة. كما تحدث العقيد يوسف الخطيب عن قضية العقيد سي صالح زعموم قائد الولاية الرابعة، الذي اتّهم بمفاوضة الحكومة الفرنسية فيما صار يعرف ب "قضية إيليزي" دون علم قيادة الثورة، وأكّد العقيد يوسف الخطيب أنّه لا يعتبر أبدا ما قام به سي صالح زعموم "خيانة" بل هو"اجتهادا". وأضاف أنّه في 16 سبتمبر 1959 تحدث الجنرال شارل ديغول عن تقرير مصير الشعب الجزائري، وتزامن ذلك مع الصعوبات التي كانت تواجهها الثورة التحريرية في التزود بالمال والسلاح. كما شهد ذلك الوقت وضعا خاصا ميزه تخلي جماعة الخارج عن الثورة وعدم التزامهم بما وعدوه من مساعدة وتنسيق مع المجاهدين في الميدان. وخلال ذلك الوقت تلقت الولاية الرابعة قرار ديغول بتقرير مصير الشعب الجزائري، فسافر العقيد محمد زعموم أوسي صالح إلى باريس مع مرافقيه، والتقى الرئيس الفرنسي في باريس، لكن أؤكد أن سي صالح ذهب ليعرف ما يطرحه ديغول ولم يكن ليقوم بأي خطوة أخرى. وتابع العقيد يوسف الخطيب بقوله "شهادة للتاريخ فقد حاول زعموم استشارة الحكومة المؤقتة قبل المضي قدما في مفاوضاته مع الجنرال ديغول، لكن الأخير رفض، فردّ سي صالح على ذلك بوقف المفاوضات، والرجوع إلى الجزائر". وأكد العقيد يوسف الخطيب أن الثورة رأت في الخطوة التي قام بها العقيد زعموم انحرافا خطيرا، وهوما تطلب بعد ذلك استدعاء سي صالح لمحاكمته في تونس، غير أنه استشهد بينما كان في طريقه إلى هناك، في حيت تمت محاكمة مرافقيه الآخرين وتم إعدامهم. كما تطرق العقيد يوسف الخطيب لدور الولاية الرابعة في إعادة تنظيم العاصمة، حيث أكد أنه في سنة 1960، طلبت قيادة الولاية الرابعة الإذن من الحكومة المؤقتة لإعادة تنظيم الجزائر العاصمة، ووافقت الحكومة على ذلك، فتم إرسال عدد من الضباط للقيام بالعملية من بينهم روشاي بوعلام والنقيب سي زوبير. وأشار العقيد يوسف الخطيب إلى أنّ هذا التنظيم الذي باشرته الولاية الرابعة هو الذي أسفر فيما بعد عن مظاهرات 11 ديسمبر 1960. ويجزم محدثنا أن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 لم تكن عفوية. وأضاف أن "الدليل على ذلك لونقارن بين ما وقع في عين تيمشونت وما وقع في الجزائر العاصمة.. ففي عين تيموشنت لما جاء الجنرال ديغول لإتمام جولته في الجزائر من أجل البحث عن قوة ثالثة، ففي تيموشنت ومع الأسف وأقولها بصراحة لم يكن هنالك نظام وسط الشعب عكس الجزائر العاصمة، فاستطاع جماعة ديغول أن يخرجوا الشعب الجزائري هناك لاستقبال ديغول ورفعوا شعار "الجزائر جزائرية" و"تحيا ديغول" وباسم هذا الشعار خرج الشعب ولكن اعتقد أنهم لم يكونوا يفهمون حقيقة الأمر وحقيقة هذا الشعار وكانوا ضحية خديعة كبرى من ديغول وجماعته". ويواصل العقيد يوسف الخطيب: "مقارنة بالجزائر العاصمة كان هناك فرق كبير .. ففي العاصمة قام المسؤولون على النظام هناك روشاي بوعلام والنقيب سي زوبير، بالتحضير مع المناضلين للمظاهرات وتحضير الأعلام واللافتات وخرجوا يوم 11 ديسمبر باسم "الجزائر مسلمة" و"تحيا الحكومة المؤقتة" و"المفاوضات مع جبهة التحرير" ... وغيرها من الشعارات .. هذه المقارنة أقولها للتاريخ". وتابع العقيد يوسف الخطيب يقول "لهذا نسميها منعرج حاسم وتاريخي لأن الجنرال ديغول فهم بأنه لا يمكن إيجاد قوة ثالثة وأن الشعب الجزائري مع جبهة التحرير الوطني". واعتبر يوسف الخطيب أن السنة التي تلت هذه الأحداث، أي سنة 1961 كانت سنة مفاوضات بامتياز. وأشار إلى بداية المفاوضات مع فرنسا منها إيفيان 1 وإيفيان2، مؤكدا أن جماعة الخارج لم تكن تتواصل معهم بشأن تفاصيل سير المفاوضات "لم نكن نسمع أي شيء وحتى أخبار من قبيل الشرط الذي وضعه الاستعمار بفضل الصحراء عن الجزائر عرفناه عن طريق الإذاعة الفرنسية، وهو ما جعلنا نخرج الشعب إلى الشارع في الولاية الرابعة للتأكيد على الوحدة الترابية للجزائر وأن الصحراء جزائرية." ويؤكد في هذا الإطار العقيد يوسف الخطيب أن سنة 1961 كانت سنة انعدام التواصل بين الداخل والخارج، معتبرا أن الضعف كان من طرف الخارج لأن "جماعة الخارج كان بمقدورها التواصل معنا، عكسنا نحن الذين لم نكن نملك الإمكانيات والسهولة نفسها". ويؤكد الخطيب قائلا "لم تكن هنالك أي مشاورة بيننا ونحن كنا نضع ثقة كاملة فيهم ولكن ذلك لم يكن كافيا." كما تطرق يوسف الخطيب إلى مسألة جيش الحدود والحكومة المؤقتة والمشاكل التي بدأت تطفو للسطح في ذلك الوقت بين الطرفين. وأكد في هذا الصدد أن ما كان يحدث "كنا نعتبره صراعا على السلطة"، مشيرا إلى أن "قيادة الأركان أو جيش الحدود كنا نسمع بها ولكن لا أعرف شخصيا ما الفائدة من قيادة الأركان هذه.. عندما يكون عندك أركان حرب.. ولكن ما الفائدة من ذلك في الميدان". وتابع العقيد يوسف الخطيب قائلا "هذه هي الحقيقة المرة.. لكن اعتبرنا الحكومة المؤقتة وجيش الحدود وما كان يحدث بينهم من خلافات آنذاك صراع على السلطة". وعقب إيقاف إطلاق النار وتنظيم الاستفتاء الشعبي، وتشكل الحكومة المؤقتة بتاريخ 19 مارس 1962 بمرسوم من الحكومة الفرنسية والتي ضمت 12 عضوا ممثلين عن جيش التحرير الوطني وممثلين عن الحكومة الفرنسية يترأسها الموثق والسياسي عبد الرحمان فارس، أكّد العقيد يوسف الخطيب أنّ الولاية الرابعة لم تكن أبدا تثق في هذه الحكومة وأيضا في رئيسها عبد الرحمن فارس، مضيفا ''كنّا نتخوف ولا نثق في كل ما له علاقة بالجيش الفرنسي أو بفرنسا.. خصوصا وأن هذه الحكومة تكونت معها قوة عسكرية محلية فيها حوالي 40 ألف جندي.. وسعينا من أجل تكسير هذه القوة لأننا لم نكن نثق فيها ولا نعرف دورها بالضبط.". قائلا في هذا الصدد "قمنا بنزع السلاح من العديد من منتسبي هذه القوة العسكرية المحلية". وردا على سؤال لمقدم الحصة حول ما إذا كان هذا خرقا لاتفاقيات إيفيان باعتبار أن هذه القوة العسكرية والحكومة تشكلت بناء على الاتفاقيات، قال العقيد يوسف الخطيب "لم يتم إعلامنا بتفاصيل اتفاقيات إيفيان.. لم نكن نعرف فحوى هذه الاتفاقيات". وفنّد العقيد يوسف الخطيب الرواية التي تقول إن جنود الولاية الرابعة الذين دخلوا إلى العاصمة بعد الاستقلال كان أغلبهم من جماعة 19 مارس، أي الذين انضموا إلى الجيش بعد وقف إطلاق النار في إطار الحكومة المؤقتة، قائلا "نحن حاربنا هذه القوة العسكرية المحلية التي تشكلت في إطار الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الرحمن فارس.. كنّا ننزع أسلحتهم ونقوم بتسريحهم وهكذا تجمعت عندنا كميات كبيرة من السلاح وفي الوقت نفسه وفي إطار الاتفاقيات تم الإفراج عن الكثير من المجاهدين في سجون الاستعمار.. وهكذا أصبح لدينا السلاح من جهة وعاد إلينا الكثير من المجاهدين المسجونين من جهة أخرى، وهكذا أصبحنا قوة كبيرة وجيشا قويا".